الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا ابتاع أرضا مزروعة ، وشرط دخول الزرع في البيع ، فلا يخلو حال الزرع من أحد أمرين :

                                                                                                                                            - إما أن يكون قد اشتد وبلغ الحصاد أو لا .

                                                                                                                                            - فإن لم يبلغ حال الحصاد وكانت بقلا أو قصيلا صح البيع في الأرض والزرع ، ولا يلزم في الزرع اشتراط القطع : لأنه دخل في العقد تبعا للأرض فقد الغرر به ، فسقط اشتراط القطع فيه ، وصار كالثمرة التي لم يبد صلاحها إذا بيعت مع نخلها صح العقد ، وإن لم يشترط فيها القطع .

                                                                                                                                            وإن كان الزرع قد اشتد واستحصد فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مشاهد الحب ليس دونه حائل يمنع من رؤيته كالشعير ، فالبيع فيه صحيح : لأنه لما جاز بيع هذا الزرع منفردا فأولى أن يجوز بيعه تبعا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الزرع غير مشاهد الحب بكمام يمنع من رؤيته ، كالحنطة والعدس ، ففي بيعه لو كان مفردا قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز ، فعلى هذا بيعه مع الأرض أولى أن يجوز .

                                                                                                                                            والثاني : بيعه لا يجوز ، فعلى هذا في جواز بيعه تبعا للأرض وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز : لأن ما كان في البيع تبعا لغيره جاز فقد رؤيته وجها له قدرة كأساس البناء ولبن الضرع .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن البيع فيه باطل : لأنه وإن كان تبعا لغيره ، فهو مقصود في نفسه بخلاف الأساس واللبن .

                                                                                                                                            فإذا بطل البيع في الزرع ، ففي بطلانه في الأرض قولان في تفريق الصفقة .

                                                                                                                                            ومن أصحابنا من أبطله في الأرض قولا واحدا للجهل بحصة ما قابل الزرع المجهول من الثمن ، وهذا من اختلاف أصحابنا في تعليل تفريق الصفقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية