الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وكذلك البقر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح . وحكم التصرية في الإبل والبقر والغنم سواء : لأن التصرية في الإبل والغنم دليل على أن ما بينهما لاحق بهما ، ولأن البقر من جملة النعم التي تقصد ألبانها ، وأن هذه الثلاثة إن ردها بالتصرية رد معها صاعا بدلا من لبن التصرية فأما [ ص: 242 ] التصرية في غير الإبل والبقر والغنم ، فهل يكون عيبا يوجب الرد على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما ، وهو قول البصريين : أنه ليس بعيب : لأن الألبان لا يقصد غالبا إلا من النعم فلم يكن نقص اللبن فيما عدا الإبل والبقر والغنم عيبا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول البغداديين ، أن التصرية في كل الحيوان عيب : لأن في كثرة ألبانها نفعا وغرضا ، فكان نقصه عيبا كالنقص في ألبان الإبل والبقر والغنم ، فعلى هذا الوجه لو اشترى أمة فبانت مصراة ، فأراد ردها بالتصرية ، فهل يلزمه أن يرد معها صاعا من تمر بدلا من لبن التصرية على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يرد معها صاعا من تمر لعموم الخبر .

                                                                                                                                            والثاني : لا يلزمه ذلك لأن ألبان الإماء غير مقصودة ، بل الحضانة مقصودة واللبن تبع .

                                                                                                                                            وكذلك الحكم في إناث الخيل ، فأما إناث الحمير فقد اختلف أصحابنا في ألبانها ، فمذهب جمهورهم أنها نجسة ، فعلى هذا إذا ردها بالتصرية لم يلزمه رد صاع معها : لأنه لا عوض لألبانها .

                                                                                                                                            وقال أبو سعيد الإصطخري : هي طاهرة يجوز شربها ، فعلى هذا إذا ردها بالتصرية ، فهل يرد معها صاعا من تمر على وجهين كالإماء وإناث الخيل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية