الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا قلنا إن تفريق الصفقة يجوز بطل البيع في الحرام ولم يبطل في الحلال ، وكان للمشتري الخيار لأجل تفريق الصفقة عليه بين المقام على الحلال أو فسخ البيع فيه ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن أقام اعتبر حال الحرام المضموم إليه في الصفقة ، فإن لم يكن مالا ولا في حكم المال كالميتة والخمر والخنزير كان للمشتري أن يتمسك بالحلال بجميع الثمن ، وإن كان المضموم إليه مالا كالمغصوب أو المجهول أو كان في حكم المال كأم الولد [ ص: 295 ] والوقف ، أو يمكن أن يقوم تقويم المال كالحر ، فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون مما يتقسط الثمن على قيمته ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يقيم على الحلال بجميع الثمن لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الحرام ما لم يتناوله العقد فلم يقابله شيء من الثمن ، وصار جميعه ثمنا لما تضمنه العقد من الحلال . والثاني : أن ما خرج من الصفقة من الحرام نقص في المبيع كعبد قطعت يده قبل التسليم ، فيكون لمشتريه الخيار في الفسخ أو المقام عليه بجميع الثمن ، فعلى هذا القول إن اختار المشتري أن يقيم على الحلال بجميع الثمن فلا خيار للبائع : لأنه لما رضي أن يأخذ الثمن على شيئين فأولى أن يرضى بأخذه عن أحدهما .

                                                                                                                                            والقول الثاني ، وهو أصح : أن يقيم على الحلال بحسابه من الثمن ، وقسطه : لأنهما جعلا الثمن في مقابلة الحلال والحرام فلم يجز أن يجعل الثمن في مقابلة الحلال وحده دون الحرام : لأنه غير ما تضمنه بذل البائع وقبول المشتري ، فعلى هذا القول إن اختار المشتري المقام على الحلال وأخذه بحسابه من الثمن وقسطه فهل يكون للبائع الخيار أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : له الخيار لأجل ما يدخل عليه من نقص الثمن .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا خيار به : لأن نقص الثمن الداخل عليه في مقابلة بعض المبيع الباقي معه ، فحصل من هذا أن الحلال المضموم في الصفقة إلى الحرام ينقسم ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يأخذه بجميع الثمن ، وهو أن يكون مضموما إلى ما ليس بمال .

                                                                                                                                            والثاني : أن يأخذه بحصته من الثمن ، وهو أن يكون مضموما إلى ما يتقسط الثمن على أجزائه ،

                                                                                                                                            والثالث : ما يكون فيما يأخذه به قولان وهو أن يكون مضموما إلى مال يتقسط الثمن على قيمته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية