الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " فإن كان رضيها المشتري وحلبها زمانا ، ثم أصاب بها عيبا غير التصرية فله ردها بالعيب ، ويرد معها صاعا من تمر ثمنا للبن التصرية ، ولا يرد اللبن الحادث في ملكه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل اشترى شاة مصراة فرضي بالتصرية ، ثم وجد بها عيبا غير التصرية ، فله الخيار في ردها بالعيب الآخر : لأن من رضي بعيب ، ثم وجد غيره لم يمنعه الرضا بما علم من الرد بما لم يعلم ، فإذا كان كذلك لم تخل حال علمه بالتصرية ورضاه بها من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن تكون مع العقد أو بعده : فإن كان بعد العقد علم بالتصرية ورضي بها ، ثم وقف على عيب آخر ، فله أن يردها بالعيب الآخر ولا يختلف أصحابنا فيه ، فإذا ردها بالعيب الآخر رد معها صاعا من تمر بدلا من لبن التصرية : لأنه قد كان معقودا عليه ، ولا يرد عن اللبن الحادث في يده عوضا : لأنه حدث في ملكه وبعد ضمانه ، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخراج بالضمان ، أما إن كان عالما بالتصرية ورضاه بها مع العقد ، ثم وقف على عيب آخر ، ففي جواز ردها به وجهان ، أخرجهما ابن أبي هريرة من اختلاف قوليه في تقرير الصفقة : أحدهما : يردها بالعيب ، ويرد معها صاعا من تمر بدلا من لبن التصرية على قول من يجيز تفريق الصفقة .

                                                                                                                                            [ ص: 243 ] والثاني : لا يردها بهذا العيب ويرجع بأرشه على قول من يمنع من تفريق الصفقة ، فلا يلزم من تفريق بعض الصفقة من فسخ بعضها : لما فيه من تفريقها ، وليس كذلك حكم الرضا بعد العقد : لأن الصفقة لم تكن قد أوجبت لزوم النقص .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية