الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو اختلفا في العيب ومثله يحدث فالقول قول البائع مع يمينه على البت لقد باعه بريئا من هذا العيب ( قال المزني ) يحلف بالله ما بعتك هذا العبد وأوصلته إليك وبه هذا العيب : لأنه قد يبيعه إياه وهو بريء ثم يصيبه قبل أن يوصله إليه ( قال المزني ) ينبغي في أصل قوله أن يحلفه لقد أقبضه إياه وما به هذا العيب من قبل أنه يضمن ما حدث عنده قبل دفعه إلى المشتري ويجعل للمشتري رده بما حدث عند

                                                                                                                                            [ ص: 259 ] البائع ولو لم يحلفه إلا على أنه باعه بريئا من هذا العيب أمكن أن يكون صادقا وقد حدث العيب عنده قبل الدفع فنكون قد ظلمنا المشتري : لأن له الرد بما حدث بعد البيع في يد البائع ، فهذا يبين لك ما وصفنا أنه لازم في أصله ما وصفنا من مذهبه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وجملة اختلاف البائع والمشتري في العيب ، إذا ادعى المشتري تقدمه ليستحق به الفسخ وادعى البائع حدوثه ليمنعه الفسخ إنه لا يخلو حال العيب من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما علم تقدمه .

                                                                                                                                            والثاني : ما علم حدوثه .

                                                                                                                                            والثالث : ما استوى فيه الأمران .

                                                                                                                                            فأما ما علم تقدمه مثل الإصبع الزائدة التي لا يمكن حدوثها أو شق جراحة عنقه يستحيل في المدة القصيرة حدوث مثلها ، فالقول في هذا وما جرى مجراه قول المشتري بلا يمين لعلمنا بصدقه وكذا البائع .

                                                                                                                                            وأما ما علم حدوثه فمثل جراحة طرية تسيل دما يستحيل في المدة الطويلة أن يتقدمها ، فالقول في هذا وما جرى مجراه من ادعاء العمى والعور مع اعتراف المشتري بالرؤية ، قول البائع بلا يمين ولا رد للمشتري لعلمنا بصدق البائع وكذب المشتري ، فأما ما أمكن حدوثه وتقدمه كالخرق في الثوب والكسر في الإناء والجراح وسائر العيوب التي يمكن حدوثها وتقدمها فالقول فيها قول البائع مع يمينه لمعنيين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن حدوث العيب يقين ، وتقدمه شك ، والحكم باليقين أولى من الحكم بالشك .

                                                                                                                                            والثاني : أن دعوى المشتري تقتضي الفسخ ، ودعوى البائع تقتضي الإمضاء ولزوم العقد من قبل يعاضد قول من ادعى الإمضاء دون الفسخ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية