الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : القائلون بالجواز ، قائلون بالوقوع ، إلا داود وابنه والقاشاني والنهرواني ، والأكثر بدليل السمع .

            [ ص: 152 ] والأكثر قطعي ، خلافا لأبي الحسين .

            لنا : ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة العمل به عند عدم النص ، وإن كانت التفاصيل آحادا ، والعادة تقضي بأن مثل ذلك لا يكون إلا بقاطع .

            وأيضا : تكرر وشاع ولم ينكر ، والعادة تقضي بأن السكوت في مثله وفاق .

            فمن ذلك رجوعهم إلى أبي بكر في قتال بني حنيفة على الزكاة .

            ومن ذلك قول بعض الأنصار في أم الأب : تركت التي لو كانت هي الميتة ، ورث الجميع ، فشرك بينهما .

            وتوريث عمر - رضي الله عنه - المبتوتة بالرأي .

            وقول علي لعمر - رضي الله عنهما - لما شك في قتل الجماعة بالواحد : أرأيت لو اشترك نفر في سرقة .

            ومن ذلك إلحاق بعضهم الجد بالأخ ، وبعضهم بالأب ، وذلك كثير .

            التالي السابق


            ش - القائلون بجواز وقوع التعبد بالقياس عقلا ، قائلون [ ص: 153 ] بوقوع التعبد به ، إلا داود الأصفهاني وابنه ، والقاشاني والنهرواني .

            ثم القائلون بوقوع التعبد به اختلفوا في أن وقوع التعبد به بدليل السمع أو العقل .

            [ ص: 154 ] فذهب الأكثر منهم إلى وقوع التعبد بدليل السمع .

            ثم القائلون بوقوع التعبد بدليل السمع اختلفوا ; فذهب الأكثر منهم إلى وقوع التعبد به بدليل السمع الذي هو قطعي ، وخالفهم أبو الحسين البصري .

            واحتج المصنف على وقوع التعبد به بدليل سمعي قطعي بوجهين :

            الأول : أنه ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة العمل بالقياس عند عدم النص ، وإن كانت تفاصيل ما نقل إلينا من العمل بالقياس آحادا ، فإنه لا يمنع تواتر القدر المشترك بين التفاصيل ، وهو العمل به في الجملة .

            والعادة تقضي بأن اجتماع جمع كثير من الصحابة على العمل بما هو أصل ، لا يكون إلا بقاطع دال على العمل به .

            الثاني : أنه تكرر عمل أكثر الصحابة بالقياس عند عدم النص ، وشاع وذاع ، ولم ينكر عليه أحد .

            والعادة تقضي بأن سكوت الباقين من الصحابة في مثل ذلك لا يكون إلا للموافقة ، فيكون الإجماع القطعي حاصلا على أن القياس يعتد به .

            ثم ذكر المصنف وقائع قد عمل فيها الصحابة بالقياس ، [ ص: 155 ] فمن ذلك : رجوع الصحابة إلى اجتهاد أبي بكر في أخذ الزكاة من بني حنيفة ، وقتالهم على الزكاة لقياسهم خليفة رسول الله على رسول الله في أخذ الزكاة بواسطة أخذها للفقراء .

            ومن ذلك : قول بعض الأنصار لأبي بكر ، لما ورث أم الأم ، ولم يورث أم الأب : لقد ورثت امرأة من ميت ، لو كانت هي الميتة ، لم يرثها ، وتركت امرأة لو كانت هي الميتة ، ورث جميع ما تركت . فرجع أبو بكر عن القول الأول ، وشرك السدس بين أم الأم وأم الأب .

            ومن ذلك : أن عمر ورث المبتوتة بالرأي .

            [ ص: 156 ] ومن ذلك : قول علي لعمر - رضي الله عنهما - لما شك عمر في قتل الجماعة بالواحد : أرأيت لو اشترك نفر في سرقة ، أكنت تقطعهم ؟ قال عمر : نعم . فقال علي : فكذلك هاهنا .

            ومن ذلك : إلحاق بعض الصحابة الجد بالأخ ، وبعضهم بالأب في إسقاط الأخوة .

            [ ص: 157 ] إلى غير ذلك من الوقائع التي لا تحصى .




            الخدمات العلمية