الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وفي النقض وهو وجود المدعى علة مع تخلف الحكم .

            ثالثها : يجوز في المنصوصة لا المستنبطة .

            ورابعها : عكسه .

            وخامسها : يجوز في المستنبطة ، وإن لم يكن بمانع ولا عدم شرط . والمختار : إن كانت مستنبطة ، لم يجز إلا بمانع أو عدم شرط ; لأنها لا تثبت عليتها إلا ببيان أحدهما ; لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن ذلك لعدم المقتضى ، وإن كانت منصوصة ، فبظاهر عام ، فيجب تخصيصه كعام وخاص ، ويجب تقدير المانع .

            لنا : لو بطلت ، لبطل المخصص .

            [ ص: 38 ] وأيضا : جمع بين الدليلين ، ولبطلت القاطعة ، كعلل القصاص والجلد وغيرهما .

            التالي السابق


            ش - اختلف الأصوليون في النقض ، وهو وجود المدعي علة مع تخلف الحكم عنه على ستة مذاهب :

            أحدها : أنه يجوز تخلف الحكم عنه مطلقا ، أي لا يقدح التخلف في العلية .

            وثانيها : أنه لا يجوز تخلف الحكم عنه مطلقا ، أي يقدح في العلية .

            وثالثها : أنه يجوز تخلف الحكم في المنصوصة ، ولا يجوز تخلفه في المستنبطة .

            ورابعها : عكسه ، أي يجوز تخلف الحكم في المستنبطة ، ولا يجوز تخلفه في المنصوصة .

            وخامسها : لا يجوز التخلف في المنصوصة ، ويجوز في المستنبطة ، وإن لم يكن التخلف بمانع ، ولا عدم شرط . ويعلم من ذلك أن المذهب الرابع جواز التخلف في المستنبطة إذا كان بمانع أو عدم شرط .

            وسادسها : وهو المختار عند المصنف أن العلة إن كانت مستنبطة ، لا يجوز التخلف عنها إلا بمانع أو عدم شرط ; لأن العلة المستنبطة لا تثبت عليتها عند تخلف الحكم إلا ببيان أحدهما ، أعني [ ص: 39 ] وجود المانع أو عدم الشرط ; لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن ذلك ، أي وجود المانع أو عدم الشرط ، تعين أن يكون لعدم المقتضي ، أي العلة ، إذ يمتنع تخلف المعلول عن العلة عند وجود الشرط وعدم المانع .

            وإن كانت منصوصة ، فشرط جواز تخلف الحكم عنها ، كون التنصيص بنص ظاهر عام . فيجب حينئذ تخصيص ذلك العام بالنافي للحكم في صورة التخلف ، والعمل بالعلة في غير صورة التخلف ، كعام وخاص إذا اختلفا ، فإنه يخصص العام بالخاص ، ويعمل بالعام في غير صورة التخصيص ، ويجب تقدير المانع في صورة التخلف ، إن لم يظهر مانع للضرورة .

            واحتج المصنف على أن تخلف الحكم عن العلة المنصوصة بظاهر عام ، لا يبطل عليتها بثلاثة وجوه :

            الأول : أن العلة المنصوصة بظاهر عام لو بطلت بالنقض ، لبطل العام المخصص بظهور الخاص ، والتالي باطل ، لما مر أن العام المخصص يكون حجة .

            بيان الملازمة : أن نسبة العلة المنصوصة بظاهر عام إلى موارد الحكم ، كنسبة العام إلى أفراده . فكما أن التخصيص لا يبطل العام بالكلية ، كذلك النقض لا يبطل العلية بالكلية .

            الثاني : - أن العام الظاهر دل على العلية ، والنقض دل على [ ص: 40 ] عدم العلية ، فيعمل بالظاهر العام في غير صورة النقض ، ويعمل بالنقض في صورته ; ليكون جمعا بين الدليلين ; لأن الجمع بين الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما بالكلية .

            الثالث : أن العلة بنص ظاهر لو بطلت بالنقض ، لبطلت العلة القاطعة ، أي المتفق عليها ، كعلل القصاص والجلد وغيرهما بالنقض ; لأن العلة المنصوصة بنص ظاهر لا تتقاعد عن العلة المتفق عليها .

            والتالي باطل ; لأن العلل القاطعة قد يتخلف الحكم عنها في بعض الصور ، ولم تبطل عليتها .




            الخدمات العلمية