الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأن لا يكون فرعا ، خلافا للحنابلة والبصري .

            لنا : إن اتحدت فذكر الوسط ضائع ، كالشافعية في السفرجل مطعوم ، فيكون ربويا كالتفاح ، ثم يقيس التفاح على البر .

            وإن لم تتحد فسد ; لأن الأولى لم يثبت اعتبارها ، والثانية ليست في الفرع ، كقوله في الجذام : عيب يفسخ به البيع ، فيفسخ به النكاح ، كالقرن والرتق ، ثم يقيس القرن على الجب لفوات الاستمتاع ، فإن كان فرعا يخالفه المستدل كقول الحنفي في الصوم بنية النفل : أتى بما أمر به ، فيصح كفريضة الحج ، ففاسد ; لأنه متضمن اعترافه بالخطأ في الأصل .

            [ ص: 17 ]

            التالي السابق


            ش - الشرط الثالث : أن لا يكون حكم الأصل فرعا على حكم آخر ، خلافا للحنابلة وأبي عبد الله البصري .

            واحتج المصنف على هذا الشرط أنه إن اتحدت العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - مع العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله ، فذكر الوسط ضائع ، لأنه حينئذ يقاس الفرع الأخير على الأصل الأول .

            مثال ذلك قول الشافعية : السفرجل مطعوم ، فيكون ربويا كالتفاح ، ثم يقيس التفاح على البر ; لأنه مطعوم . فإن ذكر التفاح الذي هو الوسط ضائع ; لأنه يمكن أن يقيس السفرجل على البر ابتداء .

            وإن لم تتحد العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - مع العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله ، فسد القياس ; لأن الأولى - أي العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - لم يثبت اعتبارها ; لأنها ليست بموجودة في أصل المقيس عليه مع أن الحكم ثابت فيه .

            والثانية - أي العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله - ليست بموجودة في الفرع الأخير .

            مثال ذلك قول الشافعي : الجذام عيب يفسخ به البيع ، [ ص: 18 ] فيفسخ به النكاح كالرتق ، وهو ارتياق محل الجماع باللحم ، والقرن ، وهو عظم في الفرج يمنع الجماع . فإن كل واحد منهما عيب يفسخ به البيع ، فيفسخ به النكاح ، ثم يقيس القرن على الجب بجامع فوات الاستمتاع .

            والعلة الأولى ، أي كونه عيبا يفسخ به البيع ، لم يثبت اعتبارها ; لأنها ليست بثابتة في الجب الذي هو أصل المقيس عليه .

            والعلة الثانية التي هي فوات الاستمتاع غير موجودة في الفرع الأخير الذي هو الجذام .

            هذا إذا كان حكم الأصل فرعا يوافقه المستدل ، أما إذا كان فرعا يخالفه المستدل ، ففاسد ; لأنه يتضمن اعتراف المستدل بخطئه في الأصل ; لأن القياس إنما يتحقق إذا ثبت الحكم في الأصل .

            فالمستدل إن لم يعترف بثبوت الحكم فيه ، لم يتمكن من القياس ، وإن اعترف يلزم الاعتراف بالخطأ في الأصل ; لأن المستدل يخالفه .

            مثال ذلك قول الحنفي في وقوع الصوم بنية النفل عن الفرض : إنه أتى بما أمر به ، فيصح قياسا على فريضة الحج ، فإنه إذا أتى بالحج بنية النفل - من لم يحج بحجة الإسلام - يقع عن [ ص: 19 ] فريضة الحج . فإن الحنفي لا يقول بوقوع الحج عن فريضة الحج إذا أتى به بنية النفل .




            الخدمات العلمية