الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - الثامن : عدم التأثير ، وقسم أربعة أقسام :

            الأول : عدم التأثير في الوصف ، مثاله : صلاة لا تقصر ، فلا يقدم أذانها كالمغرب ; لأن عدم القصر في نفي التقديم طردي ، فيرجع إلى سؤال المطالبة .

            الثاني : عدم التأثير في الأصل ، مثاله في بيع الغائب : مبيع غير مرئي ، فلا يصح ، كالطير في الهواء .

            فإن العجز عن التسليم مستقل ، وحاصله معارضة في الأصل .

            الثالث : عدم التأثير في الحكم .

            [ ص: 198 ] مثاله في المرتدين : مشركون أتلفوا مالا في دار الحرب ، فلا ضمان كالحربي .

            ودار الحرب عندهم طردي ، فيرجع إلى الأول .

            الرابع : عدم التأثير في الفرع ، مثاله : زوجت نفسها ، فلا يصح ، كما لو زوجت من غير كفؤ ، وحاصله كالثاني .

            وكل فرض جعل وصفا في العلة مع اعترافه بطرده مردود ، بخلاف غيره على المختار فيهما .

            التالي السابق


            ش - الاعتراض الثامن : عدم التأثير ، وهو كون الوصف المدعى علة مستغنى عنه في إثبات الحكم ، وهو أربعة أقسام :

            الأول : عدم التأثر في الوصف بأن يكون طرديا لا مناسبة فيه ، ولا شبه .

            مثاله : صلاة الصبح صلاة لا تقصر ، فلا يقدم أذانها على وقتها كصلاة المغرب ; لأن عدم القصر الذي جعل علة لنفي [ ص: 199 ] تقديم الأذان طردي ، لا مناسبة فيه ولا شبه .

            فيرجع هذا الاعتراض إلى سؤال المطالبة عن كون الوصف علة ، وجوابه قد مر .

            الثاني : عدم التأثير في الأصل بأن يكون الوصف المدعى علة ، قد استغني عنه في إثبات حكم الأصل بغير ذلك الوصف ، مثاله في بيع الغائب : مبيع غير مرئي ، فلا يصح بيعه ، كالطير في الهواء ، فإن العجز عن التسليم مستقل في علية عدم صحة بيع الطير في الهواء . فيستغنى عن عدم الرؤية في إثبات عدم صحة البيع فيه ، وحاصل هذا الاعتراض يرجع إلى معارضة في الأصل ، وسيأتي .

            الثالث - عدم التأثير في الحكم ، بأن لا يكون للوصف المدعى علة تأثير في الحكم .

            مثاله في إتلاف المرتدين : المرتدون مشركون أتلفوا مالا في دار الحرب ، فلا يجب عليهم الضمان ضرورة الاستواء في عدم الضمان بين دار الحرب ودار الإسلام عندهم .

            وحاصل هذا يرجع إلى القسم الأول ، أي المطالبة عن كون الوصف علة .

            [ ص: 200 ] الرابع : عدم التأثير في الفرع ، وهو كون الوصف المدعى علة غير مؤثر في الفرع ، ومثاله في تزويج المرأة نفسها : زوجت نفسها ، فلا يصح نكاحها قياسا على ما إذا زوجت نفسها من غير كفو ; لأن تزويجها نفسها مطلقا لا يكون مؤثرا في عدم صحة النكاح ، بل تزويجها نفسها من غير كفو .

            وحاصل هذا الاعتراض كالقسم الثاني ، وهو عدم تأثير ما جعل علة في الأصل ; لأن تزويجها نفسها مطلقا لا تأثير له في الأصل ، فيكون معارضة في الأصل .

            واختلفوا في الفرض المنضم إلى العلة ، كغير الكفو الذي فرض منضما إلى العلة التي هي تزويج المرأة نفسها .

            فقال قوم : إنه يكون مقبولا مطلقا ، وقال الآخرون : لا يكون مقبولا مطلقا .

            وقال المصنف : إن كل فرض جعله المستدل في العلة وصفا ، فإن اعترف المستدل بطرده ، فهو مردود على المختار ، وإن لم يعترف بطرده فهو مقبول على المختار .

            [ ص: 201 ] هذا ما فهمته من كلام المصنف ، ولم يتبين لي حقيقة هذا الكلام ، وما جزمت بأن مراد المصنف هذا .




            الخدمات العلمية