الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - الخامس : المستنبطة علة بدليل ظاهر ، وتخلف الحكم مشكك ، فلا يعارض الظاهر .

            وأجيب : تخلف الحكم ظاهر أنه ليس بعلة ، والمناسبة والاستنباط مشكك .

            والتحقيق : أن الشك في أحد المتقابلين يوجب الشك في الآخر .

            قالوا : لو توقف كونها أمارة على ثبوت الحكم في محل آخر [ ص: 46 ] لانعكس ، فكان دورا تحكما . وأجيب بأنه دور معية .

            والحق أن استمرار الظن بكونها أمارة يتوقف على المانع أو ثبوت الحكم ، وهما على ظهور كونها أمارة .

            التالي السابق


            ش - القائلون بجواز النقض في المستنبطة ، وإن لم يكن النقض بمانع ولا عدم شرط - وهو المذهب الخامس - احتجوا على جواز النقض في المستنبطة مطلقا بوجهين :

            الأول : أن المستنبطة علة بدليل ظاهر ; لأن دليلها المناسبة ، والمناسبة تدل على علية الوصف بحسب الظهور ، لا بحسب القطع . وتخلف الحكم عن الوصف مشكك في علية الوصف ، أي دلالته على عدم العلية ليست بظاهرة ; لأن احتمال تخلف الحكم لعدم العلة يساوي احتمال تخلفه لوجود المعارض ، وغير الظاهر لا يعارض الظاهر . فلم يقدح النقض في العلية .

            أجاب بأن تخلف الحكم بلا وجود مانع وانتفاء شرط يدل بحسب الظهور على أن الوصف ليس بعلة ، ودلالة المناسبة واستنباط العلة على العلية مشكك ، فلا يكون ظاهرا ، وغير الظاهر لا يعارض الظاهر .

            والتحقيق أن الشك في أحد المتقابلين يوجب الشك في [ ص: 47 ] الآخر . فإذا كان تخلف الحكم عن الوصف يوجب الشك في عدم العلية ، وجب أن يقع الشك في العلية ، فلا يبقى ظهور دلالة الدليل الدال على العلية ، فيقع التعارض .

            الثاني : لو قدح النقض في العلة المستنبطة ، لتوقف كون العلة المستنبطة أمارة للحكم على ثبوت الحكم في محل آخر ، وهو محل النقض ، ولو توقف كونها أمارة للحكم على ثبوت الحكم في محل آخر ، لانعكس ، أي توقف الحكم في محل آخر على كون العلة المستنبطة أمارة للحكم ، فيلزم الدور .

            قوله : " وإلا " أي وإن لم ينعكس يلزم التحكم .

            أجاب بأنه دور معية ، فلا يكون باطلا .

            والحق أن استمرار الظن بكون الوصف أمارة للحكم يتوقف على وجود المانع في محل النقض أو ثبوت الحكم فيه ووجود المانع ، وثبوت الحكم في محل النقض يتوقف على ظهور كون الوصف أمارة ، لا على استمرار الظن بكونه أمارة ، فلا يلزم الدور .




            الخدمات العلمية