الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله وكذلك التلقي . فأما إذا كان لا يضر فلا بأس به ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { الجالب مرزوق والمحتكر ملعون } ولأنه تعلق به حق العامة ، وفي الامتناع عن البيع إبطال حقهم وتضييق الأمر عليهم فيكره إذا كان يضر بهم ذلك بأن كانت البلدة صغيرة ، بخلاف ما إذا لم يضر بأن كان المصر كبيرا ; لأنه حابس ملكه من غير إضرار بغيره ، وكذلك التلقي على هذا التفصيل ; لأن { النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن تلقي الجلب وعن تلقي الركبان } . قالوا هذا إذا لم يلبس المتلقي على التجار سعر البلدة . فإن لبس فهو مكروه في الوجهين ; لأنه غادر بهم .

وتخصيص الاحتكار بالأقوات كالحنطة والشعير والتبن والقت قول أبي حنيفة رحمه الله ، وقال أبو يوسف رحمه الله كل ما أضر بالعامة حبسه فهو احتكار وإن كان ذهبا أو فضة أو ثوبا . وعن محمد رحمه الله أنه قال : لا احتكار في الثياب ; فأبو يوسف اعتبر حقيقة الضرر إذ هو المؤثر في الكراهة ، وأبو حنيفة اعتبر الضرر المعهود المتعارف . ثم المدة إذا قصرت لا يكون احتكارا لعدم الضرر ، وإذا طالت يكون احتكارا مكروها لتحقق الضرر . ثم قيل : هي مقدرة بأربعين يوما لقوله عليه الصلاة والسلام { من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه } وقيل بالشهر ; لأن ما دونه قليل عاجل ، والشهر وما فوقه كثير آجل ، وقد مر في غير موضع ، ويقع التفاوت في المأثم بين أن يتربص العزة وبين أن يتربص القحط والعياذ بالله ، وقيل المدة للمعاقبة في الدنيا إما يأثم وإن قلت المدة . والحاصل أن التجارة في الطعام غير محمودة .

التالي السابق


الخدمات العلمية