الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 446 ] قال ( ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ، ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في غيره سدس مالي لفلان فله سدس واحد ) لأن السدس ذكر معرفا بالإضافة إلى المال ، والمعرفة إذا أعيدت يراد بالثاني عين الأول هو المعهود في اللغة .

التالي السابق


( قوله ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ) لأن الكلام الثاني يحتمل أنه أراد به زيادة السدس على الأول حتى يتم له الثلث ، [ ص: 447 ] ويحتمل أنه أراد به إيجاب ثلث على السدس حتى يصير المجموع نصفا وعند الاحتمال لا يثبت له إلا القدر المتيقن فيجعل السدس داخلا في الثلث حملا لكلامه على المتيقن ، هذا زبدة ما في الشروح . قال بعض المتأخرين بعد ذكر الدليل على هذا المنوال : هكذا قالوا ، وهذا كما ترى حمل للكلام على أحد محتمليه . ولك أن تقول : لما كان الكلام محتملا للمعنيين وكان القدر الثابت به بيقين على الاحتمالين الثلث . قلنا : ما ثبت به من الوصية هو الثلث لكن لا بطريق حمله على أحد محتمليه كما زعموا ، بل يجعله بمنزلة أن يقال بدأ ثلث مالي وصية لأن المتيقن ثبوت الثلث بمجموع الاحتمالين لا بأولهما ، إلى هنا كلامه . أقول : ليس هذا بشيء إذ لا شك أن المتيقن ثبوت الثلث بأول الاحتمالين ، فإن زيادة الثلث على السدس كما هو الاحتمال الأول يقتضي ثبوت الثلث بلا ريب ، وانضمام الاحتمال الثاني إليه إنما يفيد جواز إرادة النصف ولا تأثير له في ثبوت الثلث لثبوته بدون ذلك .

فالمعنى الصحيح هنا ما ذكره الجمهور لا ما زاده ذلك البعض من عند نفسه . وقال صاحب العناية : فإن قيل : إذا أجازت الورثة كان الواجب أن يكون له نصف المال وإلا لم يبق لقوله وأجازت الورثة فائدة . فالجواب أن معناه حقه الثلث وإن أجازت الورثة لأن السدس يدخل في الثلث من حيث إنه يحتمل أنه أراد بالثانية زيادة السدس على الأول حتى يتم له الثلث ، ويحتمل أنه أراد بها [ ص: 448 ] إيجاب ثلث على السدس فيجعل السدس داخلا في الثلث لأنه متيقن وحملا لكلامه على ما يملكه وهو الإيصاء بالثلث ا هـ . أقول : في قوله وحملا لكلامه على ما يملكه وهو الإيصاء بالثلث بحث ، لأن ما يملكه إنما يكون هو الإيصاء بالثلث إذا لم تجز الورثة . وأما إذا أجازت كما هو المفروض هنا فيملك الإيصاء بما زاد على الثلث أيضا ، ويتملكه المجاز له من قبل الموصي عندنا كما مر في أوائل هذا الكتاب فلا يتم هذه العلة تدبر




الخدمات العلمية