الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولو باع الدار بعدما أشهد عليه وقبضها المشتري برئ من ضمانه لأن الجناية بترك الهدم مع تمكنه وقد زال تمكنه بالبيع ، بخلاف إشراع الجناح لأنه كان جانيا بالوضع ولم ينفسخ بالبيع فلا يبرأ على ما ذكرنا ، ولا ضمان على المشتري لأنه لم يشهد عليه ، ولو أشهد عليه بعد شرائه فهو ضامن لتركه التفريغ مع تمكنه بعد ما طولب به ، والأصل أنه يصح التقدم إلى كل من يتمكن من نقض الحائط وتفريغ الهواء ، ومن لا يتمكن منه لا يصح التقدم إليه كالمرتهن والمستأجر والمودع وساكن الدار ، ويصح التقدم إلى الراهن لقدرته على ذلك بواسطة الفكاك وإلى الوصي وإلى أبي اليتيم أو أمه في حائط الصبي لقيام الولاية ، وذكر الأم في الزيادات والضمان في مال اليتيم لأن فعل هؤلاء كفعله ، وإلى المكاتب لأن الولاية له ، وإلى العبد التاجر سواء كان عليه [ ص: 323 ] دين أو لم يكن لأن ولاية النقض له ، ثم التلف بالسقوط إن كان ما لا فهو في عتق العبد ، وإن كان نفسا فهو على عاقلة المولى لأن الإشهاد من وجه على المولى وضمان المال أليق بالعبد وضمان النفس بالمولى ، ويصح التقدم إلى أحد الورثة في نصيبه وإن كان لا يتمكن من نقض الحائط وحده لتمكنه من إصلاح نصيبه بطريقه وهو المرافعة إلى القاضي .

[ ص: 322 ]

التالي السابق


[ ص: 322 ] قوله والأصل أنه يصح التقدم إلى كل من يتمكن من نقض الحائط وتفريغ الهواء ومن لا يتمكن منه لا يصح التقدم إليه ) أقول : لقائل أن يقول : ينتقض هذا الأصل بما سيأتي في الكتاب من أنه يصح التقدم إلى أحد الورثة في نصيبه وإن كان لا يتمكن من نقض الحائط وحده . ويمكن الجواب عنه بوجهين : أحدهما أنه يجوز أن يكون هذا الأصل على موجب القياس وما سيأتي في الكتاب جواب الاستحسان . ووجهه ما ذكر هناك . وأما جواب القياس فيه فهو أن لا يضمن أحد من الورثة شيئا ، أما الذي تقدم إليه فلعدم تمكنه من النقض ، وأما غيره من الورثة فلعدم التقدم إليهم ، وقد صرح بذلك في المبسوط ، وذكر في الشروح أيضا فيما سيجيء . وثانيهما أنه يجوز أن يكون المراد هنا بمن يتمكن من نقض الحائط من يتمكن منه وحده أو مع مشاركة غيره ، وبمن لا يتمكن منه من لا يتمكن منه أصلا ، وأحد الورثة في المسألة الآتية وإن لم يتمكن من نقض الحائط وحده إلا أنه يتمكن منه مع مشاركة سائر الورثة فلا انتقاض ( قوله والضمان في مال اليتيم ) أقول : في هذا الإطلاق نوع قصور ، [ ص: 323 ] لأن ما تلف بالحائط المائل إن كان من النفوس يجب الدية على عاقلة صاحب الحائط لا في ماله ، وإن كان من الأموال كالدواب والعروض يجب ضمانها في ماله ، وقد مر هذا كله في الكتاب ، فكون الضمان في مال اليتيم إنما يتصور في تلف الأموال [ ص: 324 ] لا في تلف النفوس فما معنى الحكم هنا بكون الضمان في مال اليتيم على الإطلاق .




الخدمات العلمية