الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 249 ] فصل

قال الرازي: "الثامن: قال (صلى الله عليه وسلم) حكاية عن الله: "أنا عند المنكسرة قلوبهم". [وليست] هذه العندية إلا بالرحمة. وأيضا قال: صلى الله عليه وسلم -حكاية عن الله تعالى- في صفة الأولياء: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به". ومن المعلوم بالضرورة أن القوة الباصرة التي بها يرى الأشياء ليست هي الله تعالى".

[ ص: 250 ] والكلام على هذا من وجوه:

أما قوله: "أنا عند المنكسرة قلوبهم" فهذا قد روي في (كتاب الزهد) للإمام أحمد عن [عمران القصير] أن موسى عليه السلام قال: "يا رب أين أجدك؟ قال: عند المنكسرة قلوبهم من أجلي، أقترب إليها كل [يوم] شبرا، ولولا ذلك لاحترقت".

وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول [الله تعالى]: عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! فيقول: أما علمت أن عبدي فلانا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده، عبدي جعت فلم تطعمني، قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي [ ص: 251 ] فلانا جاع فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي".

ففي هذا الحديث ثبت هذا القول، وهو قوله: "فلو عدته لوجدتني عنده" لكن لفظ المنقول أن الله يوجد عند بعض المرضى، وعند المنكسرة قلوبهم. لم يقل: أنا عند المنكسرة قلوبهم. بل قال: لوجدتني هناك، وأين أجدك؟ قال: هناك.

والكلام عليه من وجوه:

التالي السابق


الخدمات العلمية