الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم قال: "وحقيقة الحجاب بالنسبة إلى الله تعالى محال؛ لأنه عبارة عن الجسم المتوسط بين جسمين آخرين، بل هذا محمول عندنا على أن لا يخلق الله في العين رؤية متعلقة به، وعند منكر الرؤية على أنه تعالى يمنع وصول آثار إحسانه وفضله إلى الإنسان".

قلت: ومن المعلوم بالضرورة لمن تدبر النصوص فساد هذين التأويلين.

فإن عدم خلق الرؤية أمر عدمي محض، فقوله" "حجابه [ ص: 336 ] النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه" كيف يتصور أن يكون هذا العدم المحض نورا؟ وأن ذلك النور لو كشف لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه البصر؟! وكيف يتصور أن يقال: "فيكشف الحجاب فينظرون إليه" والأمر العدمي المحض هل يكشف؟! [وكيف يتصور أن يقال] وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا أمر عدمي على وجهه في جنة عدن؟!.

ثم في أي لغة يوجد تسمية العدم المحض حجابا؟! ومعلوم أن نقيض الحجاب لا حجاب، والعدم يصح وصفه بأنه ليس بحجاب، فلو كان الحجاب عدميا لكان عدمه وجوديا، فكان الموجود صفة للمعدوم، وهذا ممتنع بالضرورة.

ومما ينبغي أن يعلم أن هذا المؤسس وأمثاله كثيرا ما يدخلون في جنس التأويل التي يدخل فيها الفلاسفة، من القرامطة الباطنية، ونحوهم، الذين هم أعظم الناس جهلا ونفاقا، وكانت هذه مشهورة عند غالية الرافضة، ولهذا يتصل [ ص: 337 ] هؤلاء بهم، لما بين هؤلاء من الجهل والنفاق، ومحادة الله ورسوله، ومشاقة الله ورسوله. وهم من أعظم الناس كذبا، وتصديقا للكذب، فإنهم يروون من المكذوبات على الرسل وغيرهم ما الله به عليم، ويتأولونها بما لا يخفى على أدنى عاقل أنه معلوم الفساد بالضرورة مثل ما صنع هذا المؤسس في كتاب صنفه في (تفسير المعراج [ ص: 338 ] النبوي) فرواه بسياق عجيب لا يوجد في شيء من كتب [ ص: 339 ] الأحاديث والتفسير والسير، ثم فسره تفسير المشركين والصابئين من المتفلسفة ونحوهم، كما صنع ذلك ابن سينا، وعين القضاة الهمذاني ونحو هؤلاء.

[ ص: 340 ] فجعل أنبياء الله مثل آدم، وعيسى، ويحيى، ويوسف، وإدريس، وموسى، وإبراهيم، هم الكواكب، التي هي القمر، والزهرة، وعطارد، والشمس، والمريخ، والمشتري، وزحل. إلى أمثال ذلك، مما يعلم كل مسلم أن الرسول لم يقصد ذلك ولم يرده، وأنه من أعظم الافتراء على الله ورسوله. وهذا من جنس تأويلات الرافضة للؤلؤ والمرجان الذي في البحر بالحسن والحسين، والإمام المبين، والنبإ [ ص: 341 ] العظيم، بعلي بن أبي طالب، والشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية، وأمثال هذه الخرافات التي هي من أقبح الكذب والافتراء، وأفحش القول.

التالي السابق


الخدمات العلمية