الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المثال الثالث: قوله تأويل أحاديث الضحك: "واعلم أن حقيقة الضحك على الله عز وجل محال، ويدل على ذلك وجوه:

الأول: قوله تعالى: وأنه هو أضحك وأبكى [النجم: 43] فبين أن اللائق به أن يضحك ويبكي، فأما الضحك والبكاء، فلا يليقان به" وقال: "لو جاز الضحك عليه، لجاز البكاء عليه، وقد [ ص: 324 ] التزمه بعض الحمقى".

قال: "والضحك إنما يتولد من التعجب، والتعجب: حالة تحصل للإنسان عند الجهل بالسبب، وذلك في حق عالم الغيب والشهادة محال".

إلى أن قال: "إذا ثبت هذا فنقول: وجه التأويل فيه من وجوه:

أحدها: أن المصدر كما يحسن إضافته إلى المفعول، فكذلك يحسن إضافته إلى الفاعل، فقوله: "ضحكت من ضحك الرب" أي من الضحك الحاصل في ذاتي، بسبب أن الرب خلق ذلك الضحك.

الثاني: أن يكون المراد أنه تعالى لو كان ممن يضحك كالملوك كان هذا القول مضحكا [له]"

ذكر هذا التأويل بعد أن ذكر لفظ الحديث الذي في [ ص: 325 ] (الصحيح) وعزاه إلى (شرح السنة) عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة من أخرجه الله تعالى بفضله من النار، قال: "فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول الله تعالى: يا ابن آدم! أيرضيك أن أعطيك الدنيا؟ [قال]: فيقول: أي رب أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟" فضحك ابن مسعود، وقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: لم تضحك؟ فقال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: ولم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين، حين قال: أتهزأ [ ص: 326 ] بي وأنت رب العالمين، فيقول الله تعالى: إني لا أستهزئ بك وأنا على ما أشاء قدير".

وذكر من (شرح السنة) حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم -وهو طويل- قال فيه: "ثم قال: يا رب أدخلني الجنة. فيقول الله تعالى: أولست قد زعمت أن لا تسألني غيره؟! ويلك يا ابن آدم، ما أغدرك. فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى ضحك، فإذا ضحك الله منه أذن له بدخول الجنة".

التالي السابق


الخدمات العلمية