الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه [الخامس]: أن جميع ما يذكر من التأويل كقول القائل: خلق آدم على صورة آدم، موجود نظيره في جميع المخلوقات، فإنه إن أريد بذلك على صورتها الثابتة في القدر، في علم الله وكتابه، أي: على صفتها التي هي عليها (أو غير ذلك) فهذا موجود نظيره في سائر المخلوقات، من السموات والأرض، وما بينهما ومن الملائكة والجن والبهائم، بل وذرية آدم كذلك، فإنهم خلقوا على صورهم كما يذكرونه في معنى قولهم: خلق الله آدم على صورة آدم.

فإن كون آدم على صورته يعني [شبحا] موجود في صور [ ص: 440 ] هذه الأمور، وأما كونه خلق على هذه الصورة ابتداء، أو في غير مدة فإنه لم يخلق إلا من حال إلى حال، من التراب، ثم من الطين، ثم من الصلصال، كما خلق بنوه من النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة. فلا منافاة في الحقيقة بين الأمرين، فإذا جاز أن يقال في أحدهما: إنه خلق على صورته، مع تنقله في هذه الأطوار، جاز أن يقال في الآخر: خلق على صورته، مع تنقله في هذه الأطوار، وإذا كان كذلك فمن المعلوم بالاتفاق أن قوله: "خلق آدم على صورته" هي من خصائص آدم، وإن كان بنوه تبعا له في ذلك، كما خلقه الله تعالى بيديه، وأسجد له ملائكته علم بطلان ما يوجب الاشتراك، ويزيل الاختصاص.

التالي السابق


الخدمات العلمية