الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وعامة أهل الأصول والكلام، إنما يروون الجملة الثانية، (وهي قوله: "خلق الله آدم على صورته" ولا يذكرون الجملة الطلبية).

[ ص: 376 ] فصار الحديث [متواترا] بين الطائفتين، وصاروا متفقين على تصديقه، لكن مع تفريق بعضه عن بعض، وإن كان محفوظا عند آخرين من علماء الحديث، وغيرهم، وقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء في إخباره بخلق آدم، في ضمن حديث طويل، إذا ذكر على وجهه زال كثير من الأمور المحتملة.

ولكن ظهر لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة، جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثور، [ ص: 377 ] وابن خزيمة، وأبي الشيخ الأصبهاني، وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة.

وذلك [مثل ما] ذكره أبو بكر بن خزيمة في كتاب (التوحيد)، فإنه ذكر الاحتمالات الثلاثة، ذكر عود الضمير إلى المضروب، وذكر عوده إلى آدم وتأول عوده إلى الله على إضافة الخلق. فقال: "باب ذكر أخبار رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم تأولها بعض من لم يتبحر العلم على [غير تأويلها] ففتن عالما من أهل الجهل والعناد، حملهم الجهل بمعنى الخبر على القول بالتشبيه جل وعز عن أن يكون وجه خلق من خلقه مثل [ ص: 378 ] وجهه الذي وصفه بالجلال والإكرام، ونفى الهلاك عنه، حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: حدثنا شعيب، يعني ابن الليث، حدثنا الليث، عن محمد بن عجلان، عن [ ص: 379 ] سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقولن أحدكم لأحد قبح الله وجهك، ووجها أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته". حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن [ ص: 380 ] سعيد، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه، ولا يقل قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته".

وحدثنا بندار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثني ابن عجلان قال حدثني سعيد بن [أبي] سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه ولا يقل قبح الله وجهك" [بمثل حديث أبي [ ص: 381 ] موسى، حدثنا أبو موسى، قال: حدثنا يحيى، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم) قال: ["إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه"]. قال: أبو بكر (بن خزيمة) ليس في خبر ابن عجلان أكثر من هذا".

ومعنى هذا أن يحيى بن سعيد القطان (الإمام) [رواه] عن ابن عجلان عن المقبري كما رواه الليث وغيره.

ورواه –أيضا- عنه عن أبيه عن أبي هريرة لكن يذكر إحدى الجملتين فقط، وكان عند ابن عجلان الحديث عن المقبري، وعن أبيه، وقد رواه البخاري (في صحيحه) من طريق [ ص: 382 ] مالك عنه مختصرا، فقال البخاري: "باب إذا ضرب العبد فليتجنب الوجه، حدثنا محمد بن [عبيد الله]، قال حدثنا ابن وهب، حدثني مالك [بن] أنس، قال: وأخبرني ابن فلان عن [ ص: 383 ] سعيد المقبري، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

قال البخاري: "وحدثني [عبد الله بن] محمد، قال حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه".

التالي السابق


الخدمات العلمية