الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وروى الخلال عن أبي طالب، من وجهين، قال: سمعت أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- يقول: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن [ ص: 417 ] يخلقه؟!.

قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي [قال]: سمعت أبا عبد الله قيل له: أي شيء أنكر على بشر بن السري؟ وأي شيء كانت قصته بمكة؟ قال: تكلم بشيء من كلام الجهمية، فقال: إن قوما يجدون. قيل له: التشبيه؟ فأومأ برأسه: نعم، فقال: فقام به مؤمل حتى جلس، فتكلم ابن [ ص: 418 ] عيينة في أمره، حتى أخرج، وأراه كان صاحب كلام.

وقال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: سمعت إسحاق بن [راهويه] يقول: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن") إنما عليه أن ينطق بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم" أنه نطق به.

[ ص: 419 ] قال إسحاق: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن".

فقد صحح إسحاق حديث ابن عمر مسندا، خلاف ما ذكره ابن خزيمة. قال الخلال: أنا يعقوب بن سفيان [الفارسي]، قال: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا الفرات [ ص: 420 ] ابن خالد، عن سفيان الثوري، عن أبي الزناد، عن موسى بن [أبي] عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق آدم على صورته".

وقال الخلال: أنا علي بن حرب الطائي، حدثنا زيد ابن أبي الزرقاء، عن ابن [ ص: 421 ] لهيعة، عن أبي يونس، والأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن صورة الإنسان على صورة الرحمن عز وجل".

[ ص: 422 ] وما كان من العلم الموروث عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلنا أن نستشهد عليه بما عند أهل الكتاب، كما قال تعالى: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب [الرعد: 43] وقال تعالى: فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين [يونس: 94-95] وقال تعالى: قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله [الأحقاف: 10] وقال تعالى: وإنه لفي زبر الأولين أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل [الشعراء: 196-197]، وقال تعالى: أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين [الأنعام: 114] وقال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون [الأنعام: 20] وقال تعالى: والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه [الرعد: 36].

وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره تميم [ ص: 423 ] بخبر الدجال والجساسة فرح بذلك، وقال: "حدثني حديثا يوافق ما كنت حدثتكموه".

التالي السابق


الخدمات العلمية