الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال: "واعلم أن التأويل [هو: أن العجب] حالة تحصل عند استعظام الأمر، فإذا عظم الله أمرا أو فعلا إما في كثرة ثوابه أو في كثرة عقابه جاز إطلاق لفظ التعجب عليه".

فقوله في هذا الموضع: "التعجب حالة تحصل عند استعظام الأمر" ينافي قوله قبل هذا بوجه: "التعجب حالة تحصل للإنسان عند الجهل بالسبب، وذلك في حق عالم الغيب والشهادة [محال]". فهل يوجد من يصف الله بالعجب ويبين أنه لا يستلزم الجهل، ويمنع من وصفه بصفة [ ص: 333 ] أخرى، قال: لأنها تستلزم العجب، وهو ممتنع لاستلزام الجهل.

المثال الرابع: في الحجاب، قال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين: 15].

وذكر أخبارا، منها: ما رواه صاحب (شرح السنة)، في باب: الرد على الجهمية، عن أبي موسى قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط، ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه [النور] لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).

[ ص: 334 ] قال: "وروي في تفسير قوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [يونس: 26] أنه تعالى يرفع الحجاب فينظرون إلى وجهه".

قلت: وهذا الحديث في (صحيح مسلم) عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة! نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة".

[ ص: 335 ] ومما لم يذكر من الأحاديث ما في الصحيح عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه، في جنة عدن".

التالي السابق


الخدمات العلمية