الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  249 5 - حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، قال : حدثنا أبو جعفر ، أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه وعنده قوم فسألوه عن الغسل ، فقال : يكفيك صاع ، فقال رجل : ما يكفيني ، فقال جابر : كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك ، ثم أمنا في ثوب ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا أيضا مطابق للترجمة .

                                                                                                                                                                                  ( بيان رجاله ) وهم سبعة : الأول عبد الله بن محمد الجعفي تقدم عن قريب . الثاني : يحيى بن آدم الكوفي مات سنة ثلاث ومائتين . الثالث : زهير بضم الزاي ابن معاوية الكوفي ، ثم الجزري . الرابع : أبو إسحاق السبيعي بفتح السين عمرو بن عبد الله الكوفي . الخامس : أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر دفن بالبقيع في القبة المشهورة بالعباس ، تقدم في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين . السادس : أبوه هو زين العابدين . السابع : جابر الصحابي رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( بيان لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في أربعة مواضع .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 199 ] وفيه العنعنة في موضع واحد . وفيه : السؤال والجواب . وفيه : أن بين عبد الله بن محمد وبين زهير يحيى بن آدم ، قال الغساني : قد سقط ذكر يحيى في بعض النسخ وهو خطأ إذ لا يتصل الإسناد إلا به . وفيه : أن أكثر الرواة كوفيون والحديث أخرجه النسائي ، قال : أخبرنا قتيبة ، قال : أخبرنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي جعفر ، قال : تمارينا في الغسل عند جابر بن عبد الله ، فقال جابر : يكفي في الغسل من الجنابة صاع من ماء . قلنا : ما يكفي صاع ولا صاعان . قال جابر : قد كان يكفي من كان خيرا منك وأكثر شعرا .

                                                                                                                                                                                  ( بيان معانيه وإعرابه ) قوله : " هو وأبوه " ، أي : محمد بن علي وأبوه علي بن الحسين . قوله : " وعنده قوم " هكذا في أكثر النسخ ، وفي بعضها : وعنده قومه ، وكذا وقع في العمدة . قوله : " فسألوه عن الغسل " ، أي : مقدار ماء الغسل ، وفي مسند إسحاق بن راهويه أن متولي السؤال هو أبو جعفر . قال الكرماني : القوم هم السائلون فلم أفرد الكاف حيث قال : يكفيك صاع ، والظاهر يقتضي أن يقال : يكفي كل واحد منكم صاع ( قلت ) السائل كان شخصا واحدا من القوم وأضيف السؤال إليهم ; لأنه منهم كما يقال : النبوة في قريش وإن كان النبي منهم واحدا أو يراد بالخطاب العموم كما في قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم ، وكقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : بشر المشائين في ظلم الليالي إلى المساجد بالنور التام ، أي : يكفي لكل من يصح الخطاب له صاع . قوله : " فقال رجل " المراد به الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الذي يعرف أبوه بابن الحنفية ، مات في سنة مائة أو نحوها واسم الحنفية خولة بنت جعفر ، وفي رواية الإسماعيلي : فقال رجل منهم ، أي : من القوم . قوله : " أوفى منك شعرا " ارتفاعه بالخبرية وشعرا منصوب على التمييز وأراد به رسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله : " وخير منك " روي بالرفع والنصب أما الرفع فبكونه عطفا على أوفى وأما النصب فبكونه عطفا على الموصول أعني قوله : من فاته منصوب ; لأنه مفعول يكفي ، وفي رواية الأصيلي " وخيرا " بالنصب . قوله : " ثم أمنا " ، أي : جابر رضي الله تعالى عنه ، والضمير المرفوع الذي فيه يرجع إليه ، وقال الكرماني : قوله : ثم أمنا إما مقول جابر فهو معطوف على قوله : كان يكفي ، فالإمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما مقول أبي جعفر فهو عطف على " فقال رجل " فالإمام جابر رضي الله عنه ، وقال بعضهم : فاعل أمنا جابر كما سيأتي ذلك واضحا في كتاب الصلاة ولا التفات إلى من جعله مقوله والفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : أراد بهذا الرد على الكرماني فيما ذكرنا عنه وجزم بقوله : إن الإمام جابر ، واحتج عليه بما جاء في كتاب الصلاة ، وهو ما روي عن محمد بن المنكدر ، قال : رأيت جابرا يصلي في ثوب واحد ، وقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب فإن كان استدلاله بهذا الحديث في رده على الكرماني فلا وجه له ، وهو ظاهر لا يخفى .

                                                                                                                                                                                  ( بيان استنباط الأحكام ) فيه بيان ما كان السلف عليه من الاحتجاج بفعل النبي صلى الله عليه وسلم والانقياد إلى ذلك . وفيه : جواز الرد على من يماري بغير علم إذ القصد من ذلك إيضاح الحق والإرشاد إلى من لا يعلم . وفيه : كراهية الإسراف في استعمال الماء . وفيه : استحباب استعمال قدر الصاع في الاغتسال . وفيه : جواز الصلاة في الثوب الواحد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية