الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  286 41 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، أنه قال : ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 246 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 246 ] هكذا رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، وكذا رواه أبو زيد ، ورواه ابن السكن عن الفربري ، فقال مالك : عن نافع ، وقال الجياني في بعض النسخ جعل نافعا بدل عبد الله بن دينار ، وكلاهما صواب ; لأن مالكا يروي هذا الحديث عنهما ، لكنه برواية عبد الله أشهر ، وقال ابن عبد البر : الحديث لمالك عنهما جميعا ، لكن المحفوظ عن عبد الله بن دينار ، وحديث نافع غريب . قلت : لا غرابة ; لأنه رواه عنه كذلك عن نافع خمسة أو ستة ، ولكن الأول أشهر . قوله : ذكر عمر بن الخطاب ، يقتضي أن يكون الحديث من مسند ابن عمر . قوله : " أنه تصيبه الجنابة من الليل " ، الضمير في " أنه " يرجع إلى عبد الله بن عمر لا إلى عمر ، يدل عليه رواية النسائي من طريق ابن عون عن نافع ، قال : أصاب ابن عمر جنابة فأتى عمر ، فذكر ذلك له ، فأتى عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره ، فقال : ليتوضأ وليرقد . وكذلك الضمير في " له " يرجع إلى عبد الله بن عمر لا إلى عمر . فإن قلت : ظاهر عبارة البخاري يدل على أن الضمير في أنه وله يرجع إلى عمر . قلت : الظاهر كذا ، ولكن رواية النسائي بينت أن الضمير لعبد الله ، فكأنه حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر عمر ذلك ، فلهذا خاطبه بقوله : توضأ واغسل ذكرك ، وإن لم يكن حضر فالخطاب لعمر رضي الله تعالى عنه ; لأنه جواب استفتائه ، ولكنه يرجع إلى ابنه عبد الله ؛ لأن الاستفتاء من عمر لأجل عبد الله كما دل عليه ما رواه النسائي . قوله : " فقال له " ليست لفظة " له " بموجودة في رواية الأصيلي . قوله : " توضأ واغسل ذكرك " . معناه : اجمع بينهما ; لأن الواو لا تدل على الترتيب ; لأنه من المعلوم أن يقدم غسل الذكر على الوضوء ، وفي رواية أبي نوح عن مالك : اغسل ذكرك ، ثم توضأ ، ثم نم . وهو على الأصل . وفيه رد على من حمل الرواية الأولى على ظاهرها وأجاز تقديم الوضوء على غسل الذكر ; لأنه ليس بوضوء ينقضه الحدث ، وإنما هو للتعبد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية