الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  325 36 - حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : أخبرنا شبابة ، قال : أخبرنا شعبة ، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة ، عن سمرة بن جندب : أن امرأة ماتت في بطن ، فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقام وسطها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة مع وضع الترجمة في غير موضعها كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة :

                                                                                                                                                                                  الأول : أحمد بن أبي سريج أبو جعفر الرازي ، انفرد البخاري بالرواية عنه ، وأبو سريج اسمه الصباح ، وهو بضم السين المهملة وبالجيم .

                                                                                                                                                                                  الثاني : شبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباءين الموحدتين ابن سوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وبالراء الفزاري بفتح الفاء وتخفيف الزاي المدايني ، وأصله من خراسان مات سنة أربع ومائتين .

                                                                                                                                                                                  الثالث : شعبة بن الحجاج .

                                                                                                                                                                                  الرابع : حسين المعلم بكسر اللام المكتب ، مر في باب من الإيمان أن يحب لأخيه .

                                                                                                                                                                                  الخامس : عبد الله بن بريدة بضم الباء الموحدة [ ص: 316 ] وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة ابن الحصيب بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره باء موحدة ، الأسلمي المروزي التابعي المشهور . وقال الغساني : قد صحف بعضهم ; فقال : هو خصيب بالخاء المعجمة المفتوحة .

                                                                                                                                                                                  السادس : سمرة بن جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها ابن هلال الفزاري . روي له مائة حديث وثلاثة وعشرون حديثا للبخاري ، منها أربعة ، وكان زياد استخلفه على الكوفة ستة أشهر ، وعلى البصرة ستة أشهر ، مات سنة تسع وخمسين ، قال الغساني : ومنهم من يقول : سمرة بسكون الميم تخفيفا نحو عضد في عضد ، وهي لغة أهل الحجاز وبنو تميم يقولون بضمها .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد .

                                                                                                                                                                                  وفيه الإخبار بصيغة الجمع في الموضعين .

                                                                                                                                                                                  وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن رواته ما بين رازي ومدائني وبصري ومروزي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ، ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في الجنائز ، عن مسدد .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الجنائز ، عن يحيى بن يحيى ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعن علي بن حجر ، وعن ابن المثنى .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أبو داود فيه ، عن مسدد به .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه الترمذي فيه ، عن علي بن حجر به .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي فيه ، عن علي بن حجر به ، وعن حميد بن مسعدة ، وعن سويد بن نصر .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه ابن ماجه فيه ، عن علي بن محمد ، عن أبي أسامة ، عن الحسين بن ذكوان به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لغاته ومعناه ) :

                                                                                                                                                                                  قوله : ( أن امرأة ) هي أم كعب ، سماها مسلم في رواية من طريق عبد الوارث ، عن حسين المعلم ، وذكر أبو نعيم في الصحابة أنها أنصارية .

                                                                                                                                                                                  قوله : : " ماتت في بطن " ، كلمة في هاهنا للتعليل كما في قوله صلى الله عليه وسلم : إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ، وكما في قوله تعالى : فذلكن الذي لمتنني فيه والمعنى : ماتت لأجل مرض بطن كالاستسقاء ونحوه ، ولكن قال ابن الأثير : الأظهر هاهنا أنها ماتت في نفاس ; لأن البخاري ترجم عليه بقوله : باب الصلاة على النفساء . وقال الكرماني : قال التيمي : قيل : وهم البخاري في هذه الترجمة ; حيث ظن أن المراد بقوله : ( ماتت في بطن ) ، ماتت في الولادة فوضع الباب على باب الصلاة على النفساء ، ومعنى ماتت في بطن : ماتت مبطونة ، روي ذلك مبينا من غير هذا الوجه ، ثم قال : أقول : ليس وهما ; لأنه قد جاء صريحا في باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها في كتاب الجنائز ، وفي باب أين يقوم الإمام من المرأة ، عن سمرة بن جندب قال : صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها وسطها . فالترجمة صحيحة ، والموهم واهم . انتهى . وقال بعضهم : قوله : (ماتت في بطن ) ، أي : بسبب بطن يعني الحمل ، ثم قال ما قاله التيمي ، ثم أجاب عنه بما أجاب به الكرماني ، ونسب الجواب إلى نفسه بقوله : قلت : بل الموهم له واهم إلى آخر ما قاله الكرماني . قلت : لقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون من سمرة حديثان أحدهما في التي ماتت في بطن والآخر في التي ماتت في نفاسها ، ويكون الوهم في استعمال معنى الحديث الثاني : الذي فيه التصريح بالنفاس في معنى الحديث الأول الذي فيه التصريح بالبطن .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( فقام وسطها ) يعني : قام محاذيا لوسطها ، قد ذكرنا الفرق بين الوسط بالسكون وبين الوسط بالتحريك ، وجاء هاهنا كلاهما ، وضبطه ابن التين بفتح السين وضبطه غيره بالسكون .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية الكشميهني : فقام عند وسطها ، فمن اختار الفتح يقول : إنه اسم ، ومن اختار السكون يقول : إنه ظرف ، ولا يقال بالسكون إلا في متفرق الأجزاء كالناس والدواب ، وبالفتح فيما كان متصل الأجزاء كالدار .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستنبط منه ) ، وهو أن الإمام يقوم من المرأة بحذاء وسطها . قال الخطابي : اختلفوا في موقف الإمام من الجنازة ; فقال أحمد : يقوم من المرأة بحذاء وسطها ، ومن الرجل بحذاء صدره . وقال أصحاب الرأي : يقوم منهما بحذاء الصدر ، وفي المغني : لا يختلف المذهب في أن السنة أن يقوم الإمام في صلاة الجنازة عند صدر الرجل وعند منكبيه وحذاء وسط المرأة ، وروى حرب ، عن ابن حنبل كقول أبي حنيفة ، فقال : رأيت أحمد صلى على جنازة ، فقام عند صدر المرأة ، وفي المبسوط وأحسن مواقف الإمام من الميت بحذاء الصدر قال في جوامع الفقه : هو المختار ، واختاره الطحاوي ، وروى الحسن ، عن أبي حنيفة أنه يقوم بحذاء وسط المرأة ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وهو قول النخعي ، وفي البدائع ، وروى الحسن عنه في كتاب الصلاة أنه يقوم بحذاء وسط الرجل ، وعند رأس المرأة قال : وهو قول ابن أبي ليلى ، وفي المبسوط : الصدر هو الوسط ; فإن فوقه يديه ورأسه ، وتحته بطنه ورجليه ، وفي التحفة : والمفيد المشهور من الروايات عن أصحابنا في الأصل وغيره أن يقوم من الرجل والمرأة [ ص: 317 ] حذاء الصدر ، وعن الحسن بحذاء الوسط منهما إلا أنه يكون في المرأة إلى رأسها أقرب ، وعن أبي يوسف أنه يقف بحذاء الوسط من المرأة وحذاء الرأس من الرجل ، ذكره في المفيد ، وهو رواية الحسن ، عن أبي حنيفة ، وفي ظاهر الرواية قالا : يقوم منهما بحذاء صدرهما . وقال مالك : يقوم من الرجل عند وسطه ، ومن المرأة عند منكبيها ; إذ الوقوف عند أعالي المرأة أمثل وأسلم . وقال أبو علي الطبري من الشافعية : يقوم الإمام عند صدره ، واختاره إمام الحرمين والغزالي ، وقطع به السرخسي . قال الصيدلاني : وهو اختيار أئمتنا . وقال الماوردي : وقال أصحابنا البصريون : يقوم عند صدره ، وهو قول الثوري . وقال البغداديون : عند رأسه . وقالوا : ليس في ذلك نص . وممن قاله المحاملي في المجموع والتجريد وصاحب الحاوي والقاضي حسين وإمام الحرمين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية