الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  323 34 - حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثنا وهيب ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت ، وكان ابن عمر يقول : في أول أمره : إنها لا تنفر ، ثم سمعته يقول : تنفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهن .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ذكر هذين الأثرين ، عن ابن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم إيضاحا لمعنى الحديث السابق ، ومعلى بضم الميم وتشديد اللام ابن أسد مرادف الليث أبو الهيثم البصري ، مات سنة تسع عشرة ومائتين ، ووهيب تصغير وهب بن خالد أثبت شيوخ البصريين ، وعبد الله بن طاوس مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، قال معمر : ما رأيت ابن فقيه مثل ابن طاوس ، وأبوه طاوس بن كيسان اليماني الحميري من أبناء الفرس ، كان يعد الحديث حرفا حرفا . قال عمرو بن دينار : لا تحسبن أحدا أصدق لهجة منه ، مات سنة بضع عشرة ومائة .

                                                                                                                                                                                  قوله: ( رخص ) بلفظ المجهول ، والرخصة حكم يثبت على خلاف الدليل لعذر .

                                                                                                                                                                                  قلت : الرخصة حكم شرع تيسيرا لنا ، وقيل : هو المشروع لعذر مع قيام المحرم ، لولا العذر .

                                                                                                                                                                                  والعذر هو وصف يطرأ على المكلف يناسب التسهيل عليه .

                                                                                                                                                                                  قوله : أن تنفر بكسر الفاء وضمها والكسر أفصح ، وكلمة أن مصدرية في محل رفع ، لأنه فاعل ناب عن المفعول ، والتقدير رخص لها النفور ، أي : الرجوع إلى وطنها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وكان ابن عمر يقول " : هو كلام طاوس ، وهو داخل تحت الإسناد المذكور .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( في أول أمره ) ، يعني قبل وقوفه على الحديث المذكور .

                                                                                                                                                                                  قوله: ( لا تنفر ) بمعنى لا ترجع حتى تطوف طواف الوداع .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( ثم سمعته ) ، أي : قال طاوس ، ثم سمعت ابن عمر يقول : تنفر ، يعني : ترجع بعد أن [ ص: 314 ] طاف طواف الركن ، أراد أنه رجع عن تلك الفتوى التي كان يفتيها أولا إلى خلافها .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، من كلام ابن عمر في مقام التعليل ; لرجوعه عن فتواه الأولى ، وذلك أنه لما لم يبلغه الحديث أفتى باجتهاده ، ثم لما بلغه رجع عنه أو كان وقف عليه أولا ، ثم نسيه ، ثم لما تذكره رجع إليه ، وإما أنه سمع ذلك من صحابي آخر رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( رخص لهن ) ، أي : للحائض ، وإنما جمع نظرا إلى الجنس .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية