الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الخامس :

                                                                                                                                                                                                                              في كثرة أمراضه إذا لم يطل مكثه في المصانع .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم -في الطب- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على نهر من ماء السماء في يوم صائف ، والمشاة كثير ، والناس صيام ، فقال : «أيها الناس ، اشربوا» .

                                                                                                                                                                                                                              وقد نهى -عليه الصلاة والسلام- عن الماء المشمس ، فقد روى أبو نعيم -في الطب- عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : «سخنت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ماء في الشمس ، فقال : لا تفعلي يا حميراء ، فإنه يورث البرص»

                                                                                                                                                                                                                              . ومياه السباخ يتولد منها الأمراض البلغمية ، وبلدانها وبيئة .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم -في الطب- عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، قدمها وهي أوبأ أرض الله تعالى ، وكانت بطحاؤه تجري نجلا ، فوعك أبو بكر وبلال ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : اللهم ، بارك لنا في صاعنا ومدنا وصححها لنا ، وانقل حماها إلى الجحفة .

                                                                                                                                                                                                                              والماء العذب في الاغتسال أنفع من المالح؛ لأنه ينقي البدن ، والملح يورث الجرب .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم -في الطب- عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب جار أو غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، ماذا يبقين عليه من درنه ؟ » ، وكثرة الاغتسال بالماء مما يتغير منه اللون ويسحب منه الجلد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم وصححه عن صهيب : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «ألا إن سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء ، وأنفع الماء ما كان مصا ، ويقطعه على ثلاثة مرات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم -في الطب- عن شهر قال : «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك عرضا ، ويشرب مصا ويقول : هو أهنأ وأمرأ وأبرأ» . [ ص: 104 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى فيه عن أنس قال : «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا شرب تنفس وقال : هو أهنأ وأمرأ وأبرأ» .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «تنفسوا في الإناء؛ فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتنفس في الإناء ثلاثا إذا شرب ويقول : «هو أمرأ وأروى وأبرأ» .

                                                                                                                                                                                                                              وأجود الأواني للشرب ما يظهر كل ما فيه من القذى وغيره ، وفيه عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا شرب قطعه ثلاثة أنفاس ، يسمي إذا بدأ ، ويحمد إذا قطع .

                                                                                                                                                                                                                              ونبيذ الزبيب يخصب البدن بسرعة ، وكان أحب الأشربة إليه -عليه الصلاة والسلام- الحلو البارد ، كما رواه أبو نعيم -في الطب- والترمذي والحاكم- وصححه- والبيهقي في شعب الإيمان .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه ابن السني ، والبيهقي في الشعب- عن ابن عباس ، والبيهقي عن الزهري : أنه -عليه الصلاة والسلام- سئل : أي الشراب أطيب ؟ فقال : الحلو البارد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الثعلبي في تفسيره عن أنس -مرفوعا- : «إذا شرب أحدكم الماء فليشرب أبرد ما يقدر عليه؛ لأنه أطيب للمعدة وأنفع للعلة ، وأبعث للشكر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان -صلى الله عليه وسلم- يحب الحلواء والعسل ، وقد رواه عنها وقالت : إنه يسرو عن فؤادي ويجلو لي عن بصري ، وإذا شرب بعد الطعام دفع مفسدة الأغذية .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبد الله بن فيروز الديلمي قال : قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت : يا رسول الله ، إنا أصحاب أعناب كرم ، وقد نزل تحريم الخمر ، فماذا نصنع بها ؟ قال : تصنعونها زبيبا ، قالوا : يا رسول الله ، فنصنع بالزبيب ماذا ؟ قال : تنقعونه على غذائكم ، وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غذائكم» . [ ص: 105 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «ولا تؤخروه حتى يشتد ، ولا تجعلوه في القلال ولا في الدبا ، واجعلوه في الشنان فإنه إن أخر عن عصره صار خلا» رواه أبو نعيم -في الطب- .

                                                                                                                                                                                                                              ونبيذ التمر رخيم غليظ ، ويولد دما جيدا ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخلط الزهو والتمر ، وعن خلط الزبيب والتمر ، وقال : «انتبذوا كل واحد منهما على حدته في الأسقية التي يلاث على أفواهها ، فإذا خشيتم أن يشتد عليكم فأكثروا يبسته بالماء» . رواه أبو نعيم في الطب .

                                                                                                                                                                                                                              والزبيب يعد غذاء صالحا ، وأكله على الريق ينفع عللا كثيرا ، وينبغي أن لا يكثر أكله على الريق إلا مقدار ما لا يتخمر ، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل سبع تمرات أو سبع زبيبات ، رواه أبو نعيم في الطب .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية