الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس فيما جاء أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يدور على بيوت أزواجه في مرضه

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يحمل في ثوب يطوف على نسائه وهو مريض يقسم بينهن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البلاذري عن ابن إسحاق قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دير به على نسائه يحمل في ثوب يأخذ بأطرافه الأربعة أبو مويهبة ، وشقران ، وثوبان ، وأبو رافع مواليه وذلك أن زينب بنت جحش كلمته في ذلك فقال : أنا أطوف وأدور عليكن وأقام ببيت ميمونة سبعة أيام يبعث إلى نسائه أسماء بنت عميس يقول لهن : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشق عليه أن يدور عليكن فحللنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن : إنه يشق عليه الاختلاف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن إسحاق- بسند فيه متهم وهو علي- كما في الصحيح والبخاري وابن سعد والحاكم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- الحديث المتقدم في الباب الأول ، وفيه : ثم استأذن نساءه أن يمرض في بيتي فقال : إني أشتكي ولا أستطيع أن أدور بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي كنت في بيت عائشة ، فأذن له فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- [يهادي] إلى بيتي وهو بين العباس وبين رجل آخر تخط قدماه الأرض إلى بيت عائشة ، وفي رواية عنها عند مسلم : فخرج بين الفضل بن عباس ورجل آخر ، وفي أخرى : بين رجلين أحدهما علي ، وعند الدارقطني أسامة والفضل وعند ابن حبان «بريرة ونوبة» بضم النون وسكون ونوبة الواو ثم موحدة ، قيل : هو اسم أمة ، وقيل : عبد ، وعند ابن سعد من وجه آخر والفضل وثوبان .

                                                                                                                                                                                                                              وجمعوا بين هذه الروايات على تقدير ثبوتها بأن خروجه تعدد فتعدد من اتكأ عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري وابن سعد عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يسأل في مرضه الذي مات فيه . أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ يريد يوم عائشة ، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء ، وكان في بيت عائشة حتى مات عندها ، قالت : فمات في يومي الذي كان يدور على فيه ،

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية أن [ ص: 238 ] دخوله- عليه الصلاة والسلام- بيتها كان في يوم الاثنين ، وموته يوم الاثنين الذي يليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإسماعيلي قالت : «لما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في مرضه جعل يدور على نسائه ويقول أين أنا حرصا على بيت عائشة قالت : فلما كان يومي سلت» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والإسماعيلي والبرقاني عنها قالت كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول في مرضه : أين أنا اليوم ؟ أين أنا ؟ استبطاء ليوم عائشة ، فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري ، ودفن في بيتي» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار عنها قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا مر بحجرتي ألقى كلمة إلي ينفعني فمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما فلم يكلمني ، فقلت : يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فعصبت رأسي ونمت على فراشي فجاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «ما لك يا عائشة» قلت : أشتكي رأسي ، فقال : بل أنا وارأساه ، وذاك حين أخبره جبرئيل- صلى الله عليه وسلم- أنه مقبوض ، فلبث أياما يحمل في كساء بين أربعة فيدخل علي فقال : «يا عائشة استبقي إلى النسوة» فلما جئن قال : «إني لا أستطيع أن أختلف بينكن فائذن لي أن أكون في بيت عائشة » ، قلن : نعم يا رسول الله فكان في بيت عائشة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية