الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : الحارث بن كلدة بفتح الكاف واللام ذكر في الصحابة ، وقال ابن أبي حاتم : لا يصح إسلامه ، قال الحافظ : وهذا الحديث يدل على جواز الاستعانة بأهل الذمة في الطب قال الأذرعي : [ . . . ] .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : المفؤود بميم مفتوحة ففاء ساكنة فهمزة مضمومة فواو فدال مهملة : الذي أصيب بفؤاده ، فهو يشتكيه كالمبطون ، وهذا الحديث من الخطاب العام الذي أريد به الخاص ، كأهل المدينة ومن جاورهم ، والتمر لأهل المدينة كالحنطة لغيرهم ، وفي التمر خاصية لغيرهم لأهل الداء سيما تمر المدينة ولا سيما تمر العجوة وفي كونها سبعا خاصية أخرى تدرك بالوحي وفي الصحيحين : «من تصبح بسبع تمرات عجوة من تمر العالية لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال الخطابي وغيره : أهل الحجاز يطلقون الكذب موضع الخطأ وقال الإمام الرازي : لعله- صلى الله عليه وسلم- علم ذلك بنور الوحي أن ذلك العسل سيظهر نفعه بعد ذلك ، فلما لم يظهر نفعه في الحال مع كونه- صلى الله عليه وسلم- كان عالما أنه سيظهر نفعه بعد ذلك ولا التفات لاعتراض بعض الملحدة بأن العسل مسهل ، فكيف يوصف لمن به الإسهال لأن ذلك لم يحط به علما ، جهلا منه باتفاق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف العادة [ ص: 186 ] والزمان والغذاء المألوف والتدبير وقوة الطبيعة ، وعلى أن الإسهال يحدث من [أنواع منها الهيضة التي تنشأ عن تخمة ، واتفقوا على أن علاجها بترك] الطبيعة وفعلها ، فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة ، فكأن هذا الرجل استطلق بطنه من تخمة أصابته فوصفه له النبي- صلى الله عليه وسلم- لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء لما من العسل من الجلاء ودفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع من استقرار الغذاء فيها ، وللمعدة خمل كخمل المنشفة ، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدت الغذاء الواصل إليها فكان دواؤها باستعمال ما يجلو تلك الأخلاط ، ولا شيء في ذلك مثل العسل ، لا سيما إن مزج بالماء الحار وإنما لم يفده من أول مرة ، لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب الداء ، إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية وإن جاوزه أوهى القوة ، وأحدث ضررا آخر ، فكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء ، فأمره بمعاودة سقيه ، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء برأ بإذن الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية