الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في ذكر من كان آخر الناس عهدا به في قبره- صلى الله عليه وسلم-

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن نفرا من أهل العراق قالوا لعلي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه- : يا أبا الحسن ، جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه قال : أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالوا : أجل؛ عن ذلك جئنا لنسألك ، قال : أحدث الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قثم بن العباس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا ابن سعد برجال ثقات عن أبي عسيب أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما وضع في لحده ، قال المغيرة بن شعبة : إنه قد بقي من قبل رجليه شيء لم تصلحوه ، قالوا : فادخل فأصلحه ، فدخل فمسح قدميه- صلى الله عليه وسلم- ثم قال : أهيلوا علي التراب! فأهالوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه ، فخرج فجعل يقول : أنا أحدثكم عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : لما وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في لحده ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال علي : إنما ألقيته لتنزل فنزل فأعطاه إياه أو أمر رجلا فأعطاه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عروة بن الزبير قال : لما وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في لحده ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في القبر ، ثم قال : خاتمي ، فقالوا : ادخل فخذه ، قال : فدخل ثم قال : أهيلوا علي التراب ، فأهالوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف قدميه ، فخرج ، فلما سوى على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : اخرجوا ، حتى أغلق الباب ، فإني أحدثكم عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : لعمري ، لئن كنت أردتها لقد أصبتها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة وأحمد بن منيع عن المغيرة بن شعبة قال لأنا آخر الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- حضرنا ولحدنا ، فلما حضروا ودفنوا ألقيت الفأس في القبر ، فقلت : الفأس الفأس ، فأخذته ومسحت بيدي على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رواه أبو يعلى بلفظ : ألقيت خاتمي ، فقلت : يا أبا الحسن ، خاتمي ، قال : انزل فخذ خاتمك ، ووضعت يدي على الكفن ، ثم خرجت فنزلت فأخذت خاتمي

                                                                                                                                                                                                                              سنده مجالد وهو ضعيف . [ ص: 339 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات غير مجالد وهو مختلف فيه عن المغيرة بن شعبة قال :

                                                                                                                                                                                                                              كنت فيمن حفر قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- قالوا : فلحدنا لحدا ، فلما دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القبر طرحت الفأس ، ثم قلت : الفأس الفأس ، ثم نزلت فوضعت يدي على اللحد
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا بإسناد قوي عن ابن أبي مرحب قال : نزل في قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- أربعة :

                                                                                                                                                                                                                              أحدهم عبد الرحمن بن عوف ، وكان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويقول : أخذت خاتمي ، فألقيته ، وقلت : خاتمي سقط من يدي لأمس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأكون آخر الناس عهدا به .
                                                                                                                                                                                                                              قال الحاكم : أصح الأقاويل أن آخر الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قثم بن العباس . قال ابن كثير : وقول من قال : إن المغيرة بن شعبة كان آخرهم عهدا ليس بصحيح؛ لأنه لم يحضر دفنه فضلا عن أن يكون آخرهم عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قلت : في كونه لم يحضر دفنه نظر لما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية