الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ففتح أبواب السماء ، ومواجهة الله تعالى إياه بوجهه كناية عن الكشف الذي ذكرناه .

وفي التوراة مكتوب يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي مصليا باكيا ، فأنا الله الذي اقتربت من قلبك وبالغيب رأيت نوري قال فكنا نرى أن تلك الرقة ، والبكاء والفتوح الذي يجده المصلي في قلبه من دنو الرب سبحانه من القلب .

وإذا لم يكن هذا الدنو هو القرب بالمكان فلا معنى له إلا الدنو بالهداية ، والرحمة ، وكشف الحجاب .

ويقال : إن العبد إذا صلى ركعتين عجب منه عشرة صفوف من الملائكة كل صف منهم عشرة آلاف ، وباهى الله به مائة ألف ملك .

وذلك أن العبد قد جمع في الصلاة بين القيام ، والقعود ، والركوع ، والسجود ، وقد فرق الله ذلك على أربعين ألف ملك ، فالقائمون لا يركعون إلى يوم القيامة ، والساجدون لا يرفعون إلى يوم القيامة ، وهكذا الراكعون ، والقاعدون .

التالي السابق


(ففتح أبواب السماء ، ومواجهة الله تعالى إياه بوجهه كناية عن الكشف الذي ذكرناه) ، وكذا رفع الحجاب من البين يؤذن بالكشف المذكور (وفي التوراة) ، وهي الكتاب الذي أنزل على موسى - عليه السلام - ، وهل هو سرياني ، أو عربي ، وعلى الأخير اختلف في اشتقاقه على أقوال ذكرتها في شرحي على القاموس (مكتوب يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي مصليا باكيا ، فأنا الله الذي اقتربت من قلبك بالغيب رأيت نوري) كذا أورده صاحب القوت ، ونصه : وفي الأخبار أن الله كتب في التوراة يا ابن آدم . . . فساقه سواء ، وفي آخره : (قال فكنا نرى) ، ونص القوت : نقول : (إن تلك الرقة ، والبكاء [ ص: 165 ] والفتوح الذي يجده) ، ونص القوت : التي يجدها (المصلي من دنو الرب سبحانه من قلبه) إلى هنا نص القوت .

زاد المصنف : (وإذا لم يكن هذا الدنو بالمكان) لاستحالته عليه سبحانه ؛ لأنه منزه عن كل ما يخص الأجسام (فلا معنى له إلا الدنو بالهداية ، والرحمة ، وكشف الحجاب) ، فيقال : دنا منه ؛ أي : هداه ؛ أي : جعله علما يهتدى به ، ورحمه بالرحمة الامتنانية ، وكشف عن قلبه حجاب الغفلة (ويقال : إن العبد إذا صلى ركعتين عجب منه عشرة صفوف من الملائكة كل صف منهم عشرة آلاف ، وباهى الله به مائة ألف ملك ، وذلك أن العبد قد جمع في الصلاة بين) الأركان الأربعة من (القيام ، والقعود ، والركوع ، والسجود ، وقد فرق ذلك على أربعين ألف ملك ، فالقائمون) صف (لا يركعون إلى يوم القيامة ، والساجدون لا يرفعون إلى يوم القيامة ، وهكذا الراكعون ، والقاعدون) ، هكذا أورده صاحب القوت ، وتبعه صاحب العوارف ، إلا أنه أورد قبل هذا ما نصه : وقال بعض العلماء : الصلاة خدمة الله - عز وجل - في أرضه ، والمصلون خدام الملك على بساطه ، ويقال : إن المصلين من الملائكة يسمون في السموات خدام الرحمن ، ويفتخرون بذلك على سائر الملائكة ، ويقال : إن المؤمن إذا صلى ركعتين . . . فساقه إلى قوله : والقاعدون وزاد ، ثم قد جمع له أركان الصلاة الستة من التلاوة ، والتسبيح ، والحمد ، والاستغفار ، والدعاء ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفرق ذلك على ستين ألف ملك ؛ لأن كل صنف من الملائكة عبادته ذكر من الأذكار الستة ، فإذا رأت الملائكة ما جمع من الأذكار في الركعتين عجبت منه ، وباهاهم الله - عز وجل - به ؛ لأنه قد فرق تلك الأعمال ، والأذكار على مائة ألف ملك . إلى هنا عبارة القوت .

وقال في العوارف بعد ما ذكر الخبر المتقدم : وقيل : في الصلاة أربع هيئات ، وستة أذكار ، فالهيئات الأربع : القيام ، والقعود ، والسجود ، والأذكار الستة : التلاوة ، والتسبيح ، والحمد ، والاستغفار ، والدعاء ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصارت عشرة كاملة تفرق هذه العشرة على العشرة صفوف من الملائكة كل صف عشرة آلاف ، فيجتمع في الركعتين ما يفرق على مائة ألف من الملائكة .




الخدمات العلمية