الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويقول : آمين في آخر الفاتحة ويمدها مدا ولا يصل آمين بقوله ولا الضالين وصلا .

التالي السابق


ولما تقدم أن للقراءة سنتين سابقتين وسنتين لاحقتين. ولما فرغ من ذكر السابقتين شرع في ذكر اللاحقتين، وهما: التأمين وضم السورة، وقد أشار إلى الأول منهما بقوله، (و) يسن أن (يقول: آمين في آخر الفاتحة) بعد سكتة لطيفة، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان في صلاة أم لا، ولكن في الصلاة أشد استحبابا، روى البخاري من حديث أبي هريرة أنه [ ص: 49 ] صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: ولا الضالين ، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". واختص بالفاتحة؛ لأن نصفها دعاء، فاستحب أن يسأل الله تعالى إجابته، ولا يسن عقب بدل الفاتحة من قراءة ولا ذكر كما هو مقتضى كلامهم. وقال الغزالي : ينبغي أن يقال إن تضمن ذلك دعاء استحب، قال الخطيب: وما بحثه صرح به الروياني. (ويمدها مدا) أي: مع تخفيف الميم، وأخذ ذلك من حديث وائل بن حجر: "صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلما قال: ولا الضالين قال: آمين، ومد بها صوته". وروي عن مالك أنه لا يسن التأمين للمصلي، وعنه رواية أخرى أن الإمام والمأموم يؤمنان، لكن يسران، وهو مذهب أبي حنيفة، وفي "آمين" لغات أفصحهن وأشهرهن خفيفة الميم مع المد، وهو اسم فعل بمعنى استجب، وهي مبنية على الفتح مثل: كيف وأين، ويجوز سكون النون فيهما، ويجوز القصر؛ لأنه لا يخل بالمعنى، وهي اللغة الثانية، والمد اختيار الفقهاء، والقصر اختيار الأدباء، وأنشدوا قول الشاعر:


تباعد عني فطحل إذ دعوته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا



وهي على القولين عربية، وقيل: معربة من همين، على أن الهمزة بدل من الهاء أي: همين مي خواهم، أو همين مي بايد، ترجمة الكلمة الأولى: هكذا اطلب، وترجمة الثانية: فليكن هكذا، وعلى اللغتين اقتصر الرافعي، وحكى الواحدي مع المد لغة ثالثة، وهي الإمالة، ورابعة وهي المد مع التشديد، وهو لحن، بل قيل: إنه شاذ منكر، ولا تبطل به الصلاة لقصد الدعاء، كما صححه في "المجموع"، وقال في "الأم": ولو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من الذكر كان حسنا، وفي "البحر" لابن نجيم من متأخري أصحابنا: ومن الخطأ التشديد مع حذف الياء مقصورا وممدودا، ولا يبعد فساد الصلاة فيهما اهـ .

قال بعض شيوخنا: فيه إشارة إلى أنها لا تفسد بالمد والتخفيف مع حذف الياء لوجوده في القرآن، (ولا يصل آمين بقوله ولا الضالين وصلا) ، وهو أحد الوجوه المذكورة في تفسير حديث: "نهى عن المواصلة في الصلاة"، كما سيأتي، قال الرافعي : وينبغي أن يفصل بينها وبين قوله: ولا الضالين بسكتة لطيفة تمييزا بين القرآن وغيره اهـ .

وفيه تصريح بأن آمين ليس من القرآن، أي: بدليل أنه لم يثبت في المصاحف، وإنما هو كالختم على الكتاب، وفي "المجتبى": لا خلاف أن آمين ليس من القرآن، حتى قالوا بارتداد من قال: إنه من القرآنز




الخدمات العلمية