الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثانيها : إن لم تكن مقصورة عند الخطيب مقتطعة عن المسجد للسلاطين فالصف الأول محبوب وإلا فقد ، كره بعض العلماء دخول المقصورة .

كان الحسن وبكر المزني لا يصليان في المقصورة ، ورأيا أنها قصرت على السلاطين وهي بدعة أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : في المساجد .

والمسجد مطلق لجميع الناس ، وقد اقتطع ذلك على خلافه .

وصلى أنس بن مالك ، وعمران بن حصين في المقصورة ، ولم يكرها ذلك لطلب القرب .

ولعل الكراهية تختص بحالة التخصيص ، والمنع فأما مجرد المقصورة إذا لم يكن منع فلا يوجد كراهة .

التالي السابق


(ثانيها: إنه إن لم تكن مقصورة) ، وهي بقعة من المسجد يبنى عليها بالخشب، أو غيره (عند الخطيب منقطعة عن المسجد) قصرت (للسلاطين) ، والأمراء يصلون فيها، وإنما أحدثوها لما خافوا على أنفسهم من الأعداء، وبقي ذلك عادة مستمرة من زمن بني أمية إلى الآن، فلا تصلي الملوك إلا في المقاصير (فالصف الأول محبوب، ولكن قد كره بعض العلماء دخول المقصورة) للصلاة فيها (كان الحسن) البصري (وبكر) بن عبد الله (المزني -رحمهما الله تعالى- لا يصليان في المقصورة، ورأيا أنها قصرت على السلطان) ، وأوليائه (وهي بدعة) عند أهل العلم، والورع (أحدثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المساجد، والمسجد مطلق لجميع الناس، وقد اقتطع ذلك على خلافه) ، كذا في القوت، وقد نقل أبو بكر بن أبي شيبة، عن جماعة كراهة الصلاة في المقصورة، قال: حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن الأحنف بن قيس أنه كره الصلاة في المقصورة، وحدثنا وكيع بن عيسى الخياط، عن الشعبي قال: ليس المقصورة من المسجد، وحدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن جبلة بن عطية، عن ابن محيريز أنه كره الصلاة فيها، وحدثنا وكيع، عن عيسى، عن نافع أن ابن عمر كان إذا حضرته الصلاة وهو في المقصورة خرج منها إلى المسجد. هذا ما في المصنف لابن أبي شيبة، ولم أر فيه ذكرا للحسن، ولا لبكر المزني؛ بل ذكر الحسن فيمن كان يصلي في المقصورة، كما سيأتي (وصلى أنس بن مالك، وعمران بن حصين) -رضي الله عنهما- (في المقصورة، ولم يكرها ذلك لطلب القرب) من الإمام، واستماع الذكر. أما أنس بن مالك، فقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد قال: رأيت أنس بن مالك يصلي في المقصورة المكتوبة مع عمر بن عبد العزيز، ثم يخرج علينا من ههنا، ثم ذكر من كان يصلي في المقصورة جماعة منهم الحسن، وعلي بن الحسين، وأبو القاسم، والسائب بن يزيد، وسالم، والقاسم، ونافع، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس أن الحسن كان يصلي في المقصورة، وحدثنا وكيع، عن قيس بن عبد الله -وكان ثقة- قال: رأيت الحسن يصلي في المقصورة، وحدثنا حفص بن غياث، [ ص: 267 ] عن جعفر قال: كان علي بن الحسين، والقاسم يصلون في المقصورة، وحدثنا عمر بن هارون، عن عبد الله بن يزيد قال: رأيت السائب بن يزيد يصلي المكتوبة في المقصورة، وحدثنا حفص، عن عبد الله قال: رأيت سالما، والقاسم، ونافعا يصلون في المقصورة، وحدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن عامر بن ذؤيب قال: سألت ابن عمر عن الصلاة من وراء الحجرة، فقال: إنهم يخافون أن يقتلوهم (ولعل الكراهة تختص بحالة التخصيص، والمنع) عن الصلاة فيها لغير السلطان، وأوليائه (فأما مجرد المقصورة إذا لم يكن) هناك منع للمصلين (فلا يوجب كراهة) أشار إليه صاحب القوت بقوله: فإن أطلقت للعامة زالت الكراهة .




الخدمات العلمية