الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة .

من فاتته صلاة الظهر إلى وقت العصر ، فليصل الظهر أولا ، ثم العصر فإن ابتدأ بالعصر أجزأه ، ولكن ترك الأولى واقتحم ، شبهة الخلاف .

فإن وجد إماما ، فليصل العصر ثم ليصل الظهر بعده ، فإن الجماعة بالأداء أولى .

فإن صلى منفردا في أول الوقت ، ثم أدرك جماعة صلى في الجماعة ونوى صلاة الوقت والله يحتسب أيهما شاء فإن نوى فائتة أو تطوعا جاز .

وإن كان قد صلى في الجماعة ، فأدرك جماعة أخرى فلينو الفائتة ، أو النافلة ، فإعادة المؤداة بالجماعة مرة أخرى لا وجه له ، وإنما احتمل ذلك لدرك فضيلة الجماعة .

[ ص: 316 ]

التالي السابق


[ ص: 316 ] (مسألة)

سادسة في متفرقات مسائل الفائتة والجماعة

قال - رحمه الله تعالى - : (من فاتته) صلاة (الظهر) لعذر كنوم، أو نسيان، أو غير ذلك (إلى) أن دخل (وقت العصر، فليصل الظهر أولا، ثم العصر) على ترتيب الوقت (فإن ابتدأ بالعصر) ، ثم صلى الظهر (أجزأه، ولكن ترك الأولى، فاقتحم شبهة الخلاف) .

وفي القوت: من دخل في صلاة مكتوبة، ثم ذكر أن عليه أخرى أحببت له أن يتمها، ثم يصلي التي ذكر، ثم يعيد هذه الصلاة (فإن وجد إماما، فليصل العصر) معه جماعة (ثم ليصل الظهر بعده، فإن الجماعة بالأداء أولى) ، وأكثر ثوابا، ولفظ القوت: ومن وافق الإمام في صلاة العصر، ولم يكن صلى الظهر صلاها معه عصرا، ثم صلى الظهر، ثم أعاد بعدها صلاة العصر. فعله بعض الصحابة، وهو أحب الوجوه إلي، وفعله بعضان آخران غير هذا؛ صلاها أحدهما ظهرا، ثم صلى العصر بعدها، وصلاها آخر عصرا، ثم قضى ظهره بعدها (فإن صلى) صلاة من الخمس (منفردا، ثم أدرك جماعة) يصلونها (صلى في الجماعة) استحبابا .

قال الرافعي: ولنا وجه شاذ منكر أنه يعيد الظهر، والعشاء فقط، ووجه يعيدهما مع المغرب. اهـ .

(ونوى صلاة الوقت) كالظهر، أو العصر، ولا يتعرض للفرض، وهو اختيار إمام الحرمين، ورجحه النووي في الروضة، وهو مفرع على الجديد من أن فرضه الأولى، وهو أظهر القولين (والله) سبحانه (يحتسب أيهما شاء) منهما، وربما قيل: يحتسب بأكملهما، وفي القديم: فرضه إحداهما لا بعينها، وأحد الوجهين كلاهما فرض، والثاني: إن صلى منفردا، فالفرض الثانية لكمالها، ثم إن فرعنا على غير الجديد نوى الفرض في المرة الثانية، وإن كانت الصلاة مغربا أعادها كالمرة الأولى، وعلى القول الجديد كذلك يعيدها كالمرة الأولى على الأصح، والثاني: يستحب أن يقوم إلى ركعة أخرى إذا سلم الإمام (فإن نوى) صلاة (فائتة) كانت عليه (أو تطوعا جاز، وإن كان قد صلى في الجماعة، فأدرك جماعة أخرى) يصلون (فلينو) بصلاته (الفائتة، أو النافلة، فإعادة المؤداة بالجماعة مرة أخرى لا وجه له، وإنما احتمل ذلك لدرك فضيلة الجماعة) ، وقال الرافعي: ولو صلى جماعة، ثم أدرك جماعة أخرى، فالأصح عند جماهير الأصحاب تستحب الإعادة كالمنفرد، والثاني: لا، فعلى هذا يكره إعادة الصبح والعصر دون غيرهما، والثالث: إن كان في الجماعة الثانية زيادة فضيلة ككون الإمام أورع أو أعلم، أو الجمع أكثر، أو المكان أشرف، استحبت الإعادة، وإلا فلا، والرابع: تستحب إعادة ما عدا الصبح، والعصر. اهـ .

والصحيح أنه تجب نية الفرضية فيهما، وقال أصحابنا: لو صلى منفردا، ثم أقيمت الجماعة في وقتي الظهر والعشاء، فيقتدي فيهما متنفلا لدفع التهمة عنه، وفي غيرهما لا؛ لكراهية النفل بعد الفجر والعصر، وفي ظاهر الرواية لا يتنفل مع الإمام في المغرب، وروي عن أبي يوسف أنه يدخل معه، ويسلم معه، وروي عنه أنه يتمها أربعا بعد سلام الإمام؛ لأن مخالفة الإمام أهون من مخالفة السنة، وفي المحيط: لو أضاف إليها ركعة أخرى يصير متنفلا بأربع ركعات، وقد قعد على رأس الثالثة، وهو مكروه، وقال ابن الهمام: لو سلم الإمام، فعن بشر: لا يلزمه شيء، وقيل: فسدت، ويقضي أربعا، ولا يصلي بعد صلاة مثلها، وهو محمول على تكرير الجماعة في المسجد على الهيئة الأولى. والله أعلم .




الخدمات العلمية