الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : يستحب أن يكثر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم فقد قال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة ، قيل : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليك ؟ قال : تقول : اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ، ورسولك النبي الأمي ، وتعقد واحدة وإن قلت اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد صلاة تكون لك رضا ، ولحقه أدا وأعطه الوسيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته واجزه عنا ما هو أهله ، واجزه أفضل ما جازيت نبيا ، عن أمته وصل عليه وعلى جميع إخوانه من النبيين ، والصالحين يا أرحم الراحمين تقول هذا سبع مرات ، فقد قيل : من قالها في سبع جمع في كل جمعة سبع مرات وجبت له شفاعته صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


(الثالث: يستحب أن يكثر) المريد (الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم) خاصة؛ يعني يوم الجمعة، فلها فضل عظيم، وردت فيه الأخبار (فقد قال -صلى الله عليه وسلم- :

[ ص: 286 ] من صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة، قيل: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ قال: تقول: اللهم صل على محمد عبدك ونبيك، ورسولك النبي الأمي، وتعقد واحدة) . قال العراقي: أخرجه الدارقطني من رواية ابن المسيب قال: وأظنه عن أبي هريرة، وقال: حديث غريب، وقال ابن النعمان: حديث حسن. اهـ .

قلت: وأخرجه الأزدي في الضعفاء، والدارقطني أيضا في الأفراد من حديث أبي هريرة بلفظ: الصلاة علي نور في الصراط، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما، ولفظ القوت: وليكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة الجمعة، ويوم الجمعة، وأقل ذلك أن يصلي عليه ثلاثمائة مرة، وقد جاء في الخبر، ثم ذكره، كما ذكر المصنف، إلا أنه فيه قبل كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا، ثم قال بعده: بعده، واعقدوا واحدة. قلت: وهذه الصيغة أوردها القطب الجزولي في دلائله في أول الحزب .

الرابع: بلفظ: عبدك ورسولك النبي الأمي، وفي آخرها زيادة: وعلى آله، وقد ورد: مغفرة الذنوب، والشفاعة، والتنوير، وقضاء الحوائج لمن يصلي عليه -صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة، فروى الديلمي من حديث أبي ذر رفعه: من صلى علي يوم الجمعة مائتي صلاة غفر له ذنب مائتي مائتي عام، ومن حديث عائشة: من صلى علي يوم الجمعة كانت شفاعة له عندي يوم القيامة، وروى أبو نعيم في الحلية، عن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده: من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلق كلهم لوسعهم، وروى الديلمي، عن حكامة، عن أبيها، عن عثمان بن دينار، عن أخيه مالك بن دينار، عن أنس: من صلى علي يوم الجمعة، وليلة الجمعة مائة من الصلاة قضى الله له مائة حاجة؛ سبعين من حوائج الآخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا، ووكل الله بذلك ملكا يدخله على قبري كما تدخل عليكم الهدايا. إن علمي بعد موتي كعلمي بعد الحياة. (وإن قلت) في هذا اليوم: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد صلاة تكون لك رضا، ولحقه أدى) . هكذا بالقصر فيهما، وفي بعض نسخ دلائل الخيرات بالقصر في الأول، والمد في الثانية، وبزيادة: "وله جزاء" بين الجملتين، وهذه الصيغة الشريفة إلى هنا تلقيناها عن شيخنا المرحوم سيدي أحمد بن عبد الفتاح الملوي - قدس سره -، كما تلقاها عن شيخه القطب مولاي محمد التهامي - قدس سره - .

وذكرها شيخنا في رسالة صغيرة جمع فيها الصيغ، وذكر فيها أن: من قالها كل يوم ثلاثا وثلاثين مرة فتح الله ما بين قبره وقبر نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وذكرها أيضا شيخنا المرحوم القطب السيد عبد الله بن إبراهيم الحسيني نزيل الطائف في كتابه مشارق الأنوار، وتلقيتها عنه، وكتبتها بين يديه، وأجازني بها، وذكر فيه، عن الفقيه الصالح عمر بن سعيد صاحب ذي عقيب أن: من قالها ثلاثين مرة تشرف برؤية النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولقننيها شيخنا المرحوم السيد الوجيه عبد الرحمن بن مصطفى العيدروسي - قدس سره - بلفظ: اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله صلاة تكون لك رضا، وله جزاء، ولحقه أداء. ورواها لنا عن صاحبه الشيخ الصالح حسين بن علوي بن جعفر الحسيني المعروف بمدهر، عن الشيخ مذكور بن عبد العزيز الحارثي الحضرمي نزيل المدينة المنورة، فهذا ما يتعلق بهذه الصيغة، وقد رويت فيها زيادة، وهي قوله: (وأعطه) بقطع الهمز (الوسيلة) ، وهي مقام القرب (والمقام المحمود الذي وعدته) ، وزاد في الدلائل، "والفضيلة" بعد الوسيلة (واجزه) بوصل الهمز، وبالقطع يفسد المعنى (عنا ما هو أهله، واجزه عنا أفضل ما جزيت) ، وفي نسخ الدلائل بإسقاط: "عنا" في الثاني، وفي بعض نسخها: "جازيت" بدل جزيت (نبيا، عن أمته) ، كذا في القوت، وفي الدلائل: نبيا عن قومه، ورسولا عن أمته. (وصل على جميع إخوانه من النبيين، والصالحين يا أرحم الراحمين) إلى هنا آخر الصيغة عند الجميع، وفيها فضل عظيم (تقول هذا سبع مرات، فقد قيل: من قالها) .

وفي القوت: يقال: من قاله (سبع جمع في كل جمعة سبع مرات وجبت له شفاعته - صلى الله عليه وسلم) . هكذا نقله صاحب القوت، وتبعه المصنف، ونقل عنهما شارح الدلائل هذه الفضيلة، وذكر عن غير واحد هذه الصيغة فيما يقال بعد عصر يوم

[ ص: 287 ] الجمعة مع تخالف في بعض الألفاظ، ثم إن قول المصنف: فقد قيل. وقول صاحب القوت: يقال. يدلان على أن هذا منقول عن بعض السلف، وفي القول البديع للحافظ السخاوي أنه رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- .




الخدمات العلمية