الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة تحية المسجد .

ركعتان فصاعدا سنة مؤكدة
حتى إنها لا تسقط وإن كان الإمام يخطب يوم الجمعة مع تأكد وجوب الإصغاء إلى الخطيب .

وإن اشتغل بفرض أو قضاء تأدى به التحية ، وحصل الفضل إذ المقصود أن لا يخلو ابتداء دخوله عن العبادة الخاصة بالمسجد قياما بحق المسجد .

ولهذا يكره أن يدخل المسجد على غير وضوء .

التالي السابق


( الرابعة تحية المسجد) ، وهي ( ركعتان فصاعدا) فهم منه أنها لا تحصل بأقل من ركعتين، وبه قال الجمهور من الأصحاب [ ص: 459 ] ومن غيرهم، وهو ظاهر حديث جابر في قصة سليك الغطفاني؛ إذ قال له صلى الله عليه وسلم: صل ركعتين، وقال بعض الأصحاب تحصل بركعة واحدة، وبالصلاة على الجنازة، وبسجود التلاوة والشكر؛ لأن المقصود إكرام المسجد، وهو حاصل بذلك .

قال الولي العراقي : وهذا ضعيف مخالف لظاهر الحديث. اهـ، وقال في الروضة: ولو صلى الداخل على جنازة أو سجد لتلاوة أو شكر أو صلى ركعة واحدة لم تحصل التحية على الصحيح. ا هـ .

قلت: ولكن ثبت فعل ذلك أعني تحية المسجد بركعة واحدة عن عمر بن الخطاب وغيره، ذكره ابن أبي شيبة في المصنف، وتقدم ذلك، وقوله: فصاعدا يفهم منه أنه لو صلى أكثر من ركعتين بتسليمة واحدة جاز، وكانت كلها تحية لاشتمالها على الركعتين كذا في شرح المهذب، وهي ( سنة مؤكدة) للداخل في المسجد ( حتى إنها لا تسقط) بحال، ( وإن كان الخطيب في) حال ( الخطبة يوم الجمعة) هذا ( مع تأكد وجوب الإصغاء) أي الاستماع ( إلى الخطيب) ، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن البصري، وحكاه ابن المنذر عن مكحول، وسفيان بن عيينة، وأبي عبد الرحمن المقري، والحميدي، وإسحاق، وأبي ثور، وطائفة من أهل الحديث، وقال به محمد بن الحسن، وأبو القاسم السيوري، عن مالك، وحكاه ابن حزم، عن جمهور أصحاب الحديث، وحجتهم في استحباب هاتين الركعتين ما أخرجه الشيخان، عن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب قال: أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال صل ركعتين.وتقدم الكلام على هذا الحديث، وما يتعلق به، ( وإن اشتغل) الداخل فيه ( بفرض) أو سنة أو ورد ( أو قضاء تأدى التحية، وحصل الفضل) سواء نوى مع ذلك التحية أو لم ينوها، ويجوز أن يطرد فيه الخلاف المذكور فيمن نوى غسل الجنابة هل تحصل له الجمعة والعيد إذا لم ينوهما؟ ولا يضر نية التحية؛ لأنها سنة غير مقصودة، بخلاف نية فرض وسنة مقصودة، فلا يصح كذا في شرح المهذب ( إذ المقصود أن لا يخلو ابتداء دخوله عن العبادة الخاصة بالمسجد قياما بحق المسجد، ولهذا) قالوا: ( يكره) للرجل ( أن يدخل المسجد على غير وضوء) ؛ إذ يفوته استحباب التحية .




الخدمات العلمية