الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي قوله قد قامت الصلاة ، أقامها الله وأدامها ما دامت السموات والأرض وفي التثويب صدقت وبررت ونصحت وعند الفراغ يقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، إنك لا تخلف الميعاد .

التالي السابق


(و) يقول (في قوله) في الإقامة: (قد قامت الصلاة، أقامها الله وأدامها ما دامت السموات والأرض) . وفي بعض الروايات: "أقامها الله وأدامها إلى يوم القيامة". وقال أبو داود في السنن: أخبرنا سليمان بن داود، حدثنا محمد بن ثابت، حدثني رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، أو بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن بلالا أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقامها الله وأدامها". وأخرجه ابن السني أيضا هكذا، (وفي التثويب) من أذان الفجر عند قوله: "الصلاة خير من النوم" (صدقت وبررت ونصحت) . وفي بعض الروايات بعد "بررت": "وبالحق نطقت"، وكل ذلك وارد في السنة .

وجاء في حديث غريب أخرجه ابن السني بإسناد فيه نصر بن طريف، وهو ضعيف من حديث معاوية رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المؤذن يقول: حي على الفلاح، قال: "اللهم اجعلنا مفلحين"، (وعند الفراغ) من إجابة المؤذن (يقول: اللهم بحق هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد) . أخرج الطبراني في الدعاء، فقال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت عليه الشفاعة يوم القيامة". هكذا لفظ أبي زرعة : المقام المحمود باللام فيهما كما عند المصنف .

وفي مسند أبي بكر الشافعي، عن إبراهيم بن الهيثم عن علي بن عياش بلفظ: مقاما محمودا بالتنكير. وأخرجه أحمد عن علي بن عياش، والطحاوي عن أبي زرعة الدمشقي، وأبو داود عن أحمد، والترمذي عن محمد بن سهل وإبراهيم بن يعقوب، والنسائي عن عمرو بن منصور، وابن ماجه عن العباس بن الوليد ومحمد بن يحيى ومحمد بن أبي الحسين، وابن خزيمة عن موسى بن سهل، ثمانيتهم عن علي بن عياش، وأخرجه البيهقي عن [ ص: 7 ] ابن خزيمة، وأخرجه الحاكم من رواية محمد بن يحيى الذهلي، قال الحافظ: ووهم في استدراكه، فإن البخاري أخرجه في موضعين من صحيحه؛ في أبواب الأذان، وتفسير سبحان، عن علي بن عياش بهذا الإسناد، ووقع في روايته: مقاما محمودا، كما قال الأكثر، ووقع باللام أيضا في رواية النسائي وابن خزيمة، وفي رواية للبيهقي، وزاد في آخره: "إنك لا تخلف الميعاد" .

قال السخاوي: وثبتت هذه الزيادة أيضا عند البخاري في رواية الكشميهني، وزاد البيهقي في أوله: "اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة". وزاد فيه ابن وهب في جامعه بسند فيه ابن لهيعة : "صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك". ولم يذكر الفضيلة، وزاد بدلها الشفاعة يوم القيامة، وقد حلت لك شفاعتي دون ما بعده، ورواه أحمد وابن السني وآخرون بلفظ: "صل على محمد وارض عنه رضا لا سخط بعده استجاب الله دعوته". ولم يذكروا سواه، وفي بعض روايات جابر: "وآته سؤله"، وتفصيل ذلك في "القول البديع" للحافظ السخاوي .


(تنبيه)

قال السخاوي في "المقاصد": الدرجة الرفيعة المدرج فيما يقال بعد الأذان لم أره في شيء من روايات هذا الحديث، وكأن من زادها اغتر بما وقع في بعض نسخ "الشفاء" في حديث جابر المشار إليه، لكن مع زيادتها في هذه النسخة المعتمدة علم عليها كاتبها بما يشير إلى الشك فيها ولم أرها في سائر نسخ "الشفاء"، بل في "الشفاء" عقد لها فصلا في مكان آخر، ولم يذكر فيه حديثا صريحا، وهو دليل لغلطها، والله أعلم .




الخدمات العلمية