الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة راتبة المغرب وهما ركعتان بعد الفريضة لم تختلف الرواية فيهما .

التالي السابق


( الرابعة راتبة المغرب وهما ركعتان بعد الفريضة لم تختلف الرواية فيهما) في الأحاديث التي تقدمت إلا أن في حديث ابن عمر في الصحيحين: "وبعد المغرب ركعتين في بيته". وهكذا هو في الموطأ رواية يحيى بن يحيى والقعنبي، وكذا هو في رواية ابن وهب فقيل: هو متعلق بجميع المذكورات، فقد ذكر بعضهم أن التقييد بالظرف يعود للمعطوف عليه أيضا .

لكن توقف فيه ابن الحاجب في مختصره، وينافيه قوله في رواية البخاري السابقة من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ، فأما المغرب والعشاء ففي بيته .

وفي صحيح مسلم من هذا الوجه: فأما المغرب والعشاء والجمعة، فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته.

واتفق العلماء على فضيلة فعل النوافل المطلقة في البيت. واختلفوا في الرواتب، فقال الجمهور: الأفضل فعلها في البيت أيضا، وسواء في ذلك راتبة الليل والنهار، وفصل بينهما مالك والثوري ، وبالغ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فرأى أن سنة المغرب لا يجزئ فعلها في المسجد. حكاه عبد الله بن أحمد في المسند، فقال: قلت لأبي: إن رجلا قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذه من صلوات البيت. قال: من هذا؟ قلت: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: ما أحسن ما قال! أو ما أحسن ما نقل أو انتزع!

وفي المغني لابن قدامة: قيل لأحمد: فإن كان منزل الرجل بعيدا. قال: لا أدري، وذلك لما روى سعد بن إسحاق عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد بني عبد الأشهل فصلى المغرب، فرآهم يتطوعون بعدها. فقال: هذه صلاة البيوت. رواه أبو داود.

وعن رافع بن خديج قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عبد الأشهل فصلى بنا المغرب في مسجدنا ثم قال: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم". رواه ابن ماجه اهـ .

قلت: وقد أخرج أبو بكر بن أبي شيبة عن محمود بن لبيد مثل حديث رافع بن خديج، وعن عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان أنهما كان يصليان هاتين الركعتين في بيوتهم .

وعن جعفر بن ميمون قال: كانوا يستحبون هاتين الركعتين بعد المغرب في بيوتهم .

قال الولي العراقي: ويستثنى من تفضيل النوافل في البيوت ما شرعت فيه الجماعة؛ كالعيدين، والكسوف، والاستسقاء، وكذلك التنفل قبل الزوال [ ص: 350 ] يوم الجمعة وبعده، ففعله في المسجد أفضل لاستحباب التبكير للجمعة، حكاه الجرجاني عن الأصحاب، ونص عليه الشافعي في الأم، وكذا ركعتا الطواف وركعتا الإحرام إن كان عند الميقات مسجد كما صرح به الأصحاب، حكاه عنهم النووي في الحج، وكذا ما يتعين له المسجد كتحية المسجد، والله أعلم. اهـ .




الخدمات العلمية