الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن اغتسل للجنابة ، فليفض الماء على بدنه مرة أخرى على نية غسل الجمعة فإن اكتفى بغسل واحد أجزأه ، وحصل له الفضل إذا نوى كليهما ودخل ، غسل الجمعة في غسل الجنابة وقد دخل بعض الصحابة على ولده وقد اغتسل فقال له أللجمعة فقال بل عن الجنابة فقال : أعد غسلا ثانيا وروى الحديث في غسل الجمعة على كل محتلم .

وإنما أمره به ؛ لأنه لم يكن نواه .

وكان لا يبعد أن يقال : المقصود النظافة وقد حصلت دون النية ولكن هذا ينقدح في الوضوء أيضا ، وقد جعل في الشرع قربة ، فلا بد من طلب فضلها .

ومن اغتسل ثم أحدث توضأ ، ولم يبطل غسله والأحب أن يحترز عن ذلك .

التالي السابق


ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (ومن اغتسل) يوم الجمعة (للجنابة، فليفض الماء على بدنه مرة أخرى على نية غسل الجمعة) للخروج عن الخلاف (وإن اكتفى بغسل واحد أجزأه، وحصل له الفضل إذا نوى كليهما، ويدخل غسل الجمعة في غسل الجنابة) ، وروي ذلك عن الأوزاعي، إلا أنه قال: قبل الفجر، وروى ابن أبي شيبة في المصنف، عن مجاهد، وأبي جعفر، والحاكم، والشعبي أنه إذا اغتسل يوم الجمعة بعد طلوع الفجر أجزأه من الجنابة، وروي من طريق نافع، عن ابن عمر أنه كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا. وعبارة القوت: ومن اغتسل من جنابة أجزأه الغسل للجمعة إذا نوى، ولا بد من النية لغسل الجنابة، ويكون الغسل للجمعة داخلا فيه، فإن أفاض الماء ثانية بعد غسله للجنابة لأجل الجمعة فهو أفضل (وقد دخل بعض الصحابة على ولده وقد اغتسل) ، ولفظ القوت: على ابنه وهو يغتسل للجمعة (فقال له: أعد غسلا ثانيا) للجمعة (وروى الحديث في غسل الجمعة واجب على كل محتلم) ، ولفظ القوت: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "غسل الجمعة واجب على كل مسلم".

قلت: قد تقدم أن هذا اللفظ أخرجه البغوي في معجم الصحابة من حديث أبي الدنيا، وأما لفظ حديث أبي سعيد: "على كل محتلم"، وقد تقدم ذلك، وفي المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا زيد بن حباب، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، قال: حدثتني أمي، أن أباها حدثها، أن بعض ولد أبي قتادة دخل عليه يوم الجمعة ينفض رأسه مغتسلا، فقال: للجمعة اغتسلت؟ قال: ولكن من جنابة، قال: فأعد غسلا للجمعة. ففهم من هذا السياق أن المراد ببعض الصحابة هو أبو قتادة، وقال ابن أبي شيبة أيضا: حدثنا حماد بن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن عمر بن أبي مسلم قال: كان بنو أخي عروة بن الزبير يغتسلون في الحمام يوم الجمعة، فيقول عروة: يا بني أخي، إنما اغتسلتم في الحمام من الوسخ، فاغتسلوا للجمعة. ثم قال المصنف: (وإنما [ ص: 251 ] أمره) ذلك الصحابي (به؛ لأنه لم يكن نواه) ، أي: غسل الجمعة (وكان لا يبعد أن يقال: المقصود النظافة) من الأوساخ، والروائح الكريهة (وقد حصلت) بالغسل (دون النية) ، فكان مجزئا (ولكن هذا يقدح في الوضوء أيضا، وقد جعل في الشرع قربة، فلا بد من طلب فضلها، ومن اغتسل) للجمعة (ثم أحدث توضأ، ولم يبطل غسله) ، أي: ثوابه (والأحب أن يحترز عن ذلك) ، وعبارة الرافعي: ولو أحدث بعد الغسل لم يبطل فيتوضأ، وقال النووي: في الروضة: وكذا لو أجنب بجماع أو غيره لا يبطل فيغتسل للجنابة. والله أعلم. ولفظ القوت: وأحب أن لا يحدث وضوءا بعد الغسل حتى يفرغ من صلاة الجمعة، فمن العلماء من كره ذلك، ولكن إن بكر إلى الجامع، فتوضأ هناك من حدث لحقه لامتداد الوقت، فإنه على غسل الجمعة. اهـ .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، عن سفيان بن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه أنه كان يغتسل يوم الجمعة، ثم يحدث بعد الغسل، ثم لا يعيد غسلا، وقال أيضا: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام قال: كان محمد يستحب أن لا يكون بينه وبين الجمعة حدث. قال الحسن: إذا أحدث توضأ، وقال أيضا: حدثنا وكيع، عن مبارك، عن الحسن قال: إذا اغتسل يوم الجمعة، ثم أحدث أجزأه الوضوء، ونقل أيضا عن طاوس أنه كان يأمر بإعادة الغسل، وكذلك عن إبراهيم التيمي؛ ولذا قال المصنف: والأحب أن يحترز عن ذلك، أي: للخروج عن خلاف هؤلاء .




الخدمات العلمية