الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسننه كسنن التشهد الأول لكن يجلس في الأخير على وركه الأيسر لأنه ليس مستوفزا للقيام بل هو مستقر ويضجع رجله اليسرى خارجة من تحته ، وينصب اليمنى .

التالي السابق


(وسننه كسنن الأول) ، أي: التشهد الأخير كالأول في الهيئة والأدب، ولا يتعين للقعود هيئة معينة [ ص: 83 ] فيما يرجع إلى الإجزاء، بل يجزئه القعود على أي وجه أمكن، (لكن) يسن أن (يجلس في الأخير على وركه الأيسر) ، وفي القعود الذي لا يقع في آخرها الافتراش، وقال أحمد : إن كانت الصلاة ذات تشهدين تورك في الآخر، وإن كانت ذات تشهد واحد افترش فيه، وقال أبو حنيفة : السنة في القعودين الافتراش، وقال مالك : السنة فيهما التورك، وقد أشار المصنف إلى الفرق من جهة المعنى بقوله؛ (لأنه) أي: المصلي (ليس مستوفزا) للحركة يبادر (القيام) ، أي: إليه، فيناسبه التورك على هيئة السكون والاستقرار، وإليه أشار بقوله: (بل هو مستقر) بخلاف التشهد الأول، فإنه يبادر إلى القيام عند تمامه، وذلك يناسبه الجلوس على هيئة الافتراش، والافتراش أن يضجع الرجل اليسرى بحيث يلي ظهرها الأرض، ويجلس عليها وينصب اليمنى، ويضع أطراف أصابعها على الأرض متوجهة إلى القبلة، (و) التورك أن (يضع) ، وفي نسخة: يضجع (رجله اليسرى خارجة من تحته، وينصب اليمنى) ، ويمكن الورك من الأرض، وفي "الشرح" في معنى التورك: أن يضع رجليه على هيئتهما في الافتراش، واليمنى منصوبة مرفوعة العقب، واليسرى مضجعة .



(تنبيه) :

قد رتب الرافعي على هذه القاعدة مسألتين؛ إحداهما: المسبوق إذا جلس مع الإمام في التشهد الأخير يفترش ولا يتورك، نص عليه؛ لأنه مستوفز يحتاج إلى القيام عند سلام الإمام؛ ولأنه ليس مع آخر صلاته، والتورك إنما ورد في آخر الصلاة، وحكى الشيخ أبو محمد وجها عن بعض الأصحاب أنه يتورك متابعة لإمامه، وذكر أبو الفرج أن أبا طاهر الزيادي

-قلت: يعني به محمد بن محمد بن محمش شيخ الحاكم - حكى في المسألة هذين الوجهين ووجها ثالثا: أنه إن كان محل تشهد المسبوق كان أدرك ركعتين من صلاة الإمام جلس مفترشا، وإلا جلس متوركا؛ لأن أصل الجلوس لمحض المتابعة، فيتابعه في هيئته أيضا، والأكثرون على الوجه الأول. الثانية: إذا قعد في التشهد الأخير، وعليه سجود سهو، فهل يفترش أو يتورك؟ فيه وجهان؛ أحدهما يتورك؛ لأنه آخر الصلاة، قاله الروياني في "التلخيص"، وهو ظاهر المذهب، والثاني أنه يفترش، ذكره القفال وساعده الأكثرون؛ لأنه يحتاج بعد هذا القعود إلى عمل وهو السجود، فأشبه التشهد الأول، بل السجود عن هيئة التورك أعسر من القيام عنها، وكان أولى بأن لا يتورك عنها، وأيضا فلأنه جلوس يعقبه سجود، فأشبه الجلوس بين السجدتين، والله أعلم .




الخدمات العلمية