الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا تزوجت المرأة ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض عليها عند أبي حنيفة حتى يتم لها مهر مثلها أو يفارقها ) وقالا : ليس لهم ذلك . وهذا الوضع إنما يصح على قول محمد على اعتبار قوله المرجوع إليه في النكاح بغير الولي ، وقد صح ذلك وهذه شهادة صادقة عليه . لهما أن ما زاد على العشرة حقها ومن أسقط حقه لا يعترض عليه كما بعد التسمية . ولأبي حنيفة أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بنقصانه فأشبه الكفاءة ، [ ص: 303 ] بخلاف الإبراء بعد التسمية ; لأنه لا يتعير به .

التالي السابق


. ( قوله وإذا تزوجت المرأة ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض عند أبي حنيفة حتى يتم لها مهر مثلها أو يفارقها ) فالثابت إلزام أحد الأمرين وهو فرع قيام مكنة كل منهما ; فعن هذا ما في فتاوى النسفي : لو لم يعلموا بذلك حتى ماتت ليس لهم أن يطالبوه بتكميل مهر المثل ; لأن الثابت لهم ليس إلا أن يفسخ أو يكمل ، فإذا امتنع هنا عن تكميل المهر لا يمكن الفسخ . واعلم أن المدار على التسمية حتى لو سمت مهر مثلها ولم تأخذه بل أبرأت لا اعتراض عليها . ثم قال المصنف ( وهذا الوضع ) أي قولنا إذا تزوجت ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض ، وقال محمد مع أبي يوسف : ليس لهم ذلك ، ومعناه يجب تنقية العقد فرع صحة عقد المرأة بنفسها فإنما يصح من محمد على اعتبار رجوعه إلى ذلك ; لما أنه تقدم عنه أنه لا يصح مباشرتها بنفسها بل هو موقوف على إجازة الولي ، قال : وهذه شهادة صادقة على رجوعه . [ ص: 303 ] وأورد عليه أنه إنما يتم لو تعين هذا الوضع في النكاح بغير ولي وليس كذلك ، فإنه لو أذن لها الولي بالتزويج ولم يسم مهرا فعقدت على هذا الوجه صح وضع المسألة على قول محمد ، وكذا لو أكره السلطان امرأة ووليها على تزويجها بمهر قليل ففعل ذلك ثم زال الإكراه ورضيت المرأة ولم يرض الولي ليس له ذلك في قول محمد الأول فلم يكن هذا الوضع دلالة على رجوع محمد إلى قولهما ا هـ .

ولا شك أن قولنا إذا تزوجت ونقصت لا ينقص عند محمد عام في الصور على ما هو حال أسماء الشرط ، فباعتبار عمومه يكون شهادة صادقة وعليه مشى المصنف ، وباعتبار حمله على بعض الصور وهو في نفسه أعم منها لا يكون شهادة وعليه مشى المعترض ، والأصل خلافه إلا أن يوجب الحمل على بعض الصور موجب وتمام الاعتراض موقوف عليه . فتوجيه الاعتراض أن يقال يجب حمله على كذا للصور المذكورة فلا يكون فيه شهادة على ذلك وإنما يجب هذا الحمل ; لأن المذكور هنا وهو المذكور في الجامع الصغير ، ورجوعه مروي أنه قبل موته بسبعة أيام وهو الذي يشير إليه قول المصنف وقد صح ذلك ، ومعلوم أن تصنيفه للجامع قبل ذلك فالحق أنه رجع ولا شهادة في هذه .




الخدمات العلمية