الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن تزوجت أمة بغير إذن مولاها ثم أعتقت صح النكاح ) لأنها من أهل العبارة وامتناع النفوذ لحق المولى وقد زال ( ولا خيار لها ) لأن النفوذ بعد العتق فلا تتحقق زيادة [ ص: 405 ] الملك ، كما إذا زوجت نفسها بعد العتق .

التالي السابق


( قوله وإن تزوجت أمة بغير إذن مولاها ثم أعتقت صح النكاح ) أي نفذ بمجرد العتق ، ولا فرق بين الأمة والعبد في هذا الحكم ، وإنما فرضها في الأمة ليرتب عليها المسألة التي تليها تفريعا . وعن زفر أنه يبطل النكاح ; لأن توقفه كان على إجازة المولى فلا ينفذ من جهة غيره ، ولا يمكن إبقاؤه موقوفا على إجارته بعد بطلان ولايته ، وإذا بطل تنفيذه وتوقفه لزم بطلانه بالضرورة إذ لا واسطة وصار كما إذا اشترت ثم عتقت فإنه يبطل ولا يتوقف لما قلنا من عدم إمكان القسمين . ولنا أن الأمة والعبد من أهل العبارة ولذا صح إقرارهما بالديون ويطالبان بعد العتق . وأهلية العبارة من خواص الآدمية وهي مبقاة فيهما على أصل الحرية ( وامتناع النفوذ لحق المولى وقد زال ) بالعتق .

وحاصل هذا أنه نافذ من جهتها ، ويجب أن ينفذ من جهة المولى ما دام حقه ، فإذا زال بقي النفاذ من غير جهة توقف . وأما البطلان فما ذكر فليس لما قال بل للزوم تحول حكم العقد الواحد فإنه انعقد موجبا لملك المولى ولو نفذ بعد عتقها كان موجبا للملك لها .

وأورد على التعليل النقض بصور ، وهي ما لو تزوج بغير إذن مولاه ثم أذن لا يجوز ذلك النكاح حتى يجيز ما صنع ، وما إذا زوج فضولي شخصا ثم وكله توقف على إجازة الفضولي بعد الوكالة ، وما إذا زوج ولي أبعد مع وجود الأقرب ثم غاب الأقرب أو مات فتحولت الولاية إلى المزوج توقف على إجازة مستأنفة منه ، وكذا سيد المكاتبة الصغيرة إذا زوجها بلا إذنها توقف على إجازتها ، فإذا أدت وعتقت لا يجوز ذلك النكاح إلا بإجازة مستقبلة من السيد مع أنه المزوج .

أجيب عن الأول والثاني بأن الإذن والتوكيل فك الحجر بالنسبة إلى ما يستقبل من وقتهما فلا يعملان فيما قبلهما ، وكان مقتضى هذا أن لا يجوز بالإجازة أيضا إلا أنا استحسناه . وعن الثالث بأن الأبعد لم يكن وليا حين زوج ، ومن ليس وليا في شيء لا يتأنى في عواقبه ويحكم الرأي فيه بل يتوانى اتكالا على رأي الأقرب فلم يكن النكاح على الوجه الأصلح ظاهرا فيجب توقيفه على إجازته بعد صيرورته وليا ليثبت كونه أصلح . قال في الفوائد الظهيرية : وبهذا الحرف يقع الانفصال عن النقض الرابع : يعني سيد المكاتبة الصغيرة . وقد يفرق بأن الولي الأبعد إنما يظهر فيه ترك النظر بعد تسليم ظهوره فيه لاعتماده على رأي الأقرب ، أما هنا فلا يتجه اعتماد المولى على رأي الصغيرة فيترك النظر فكان الظاهر النظر منه لظهوره من مجرد الدين والنسبة الخاصة من غير ما يوجب بطلان ظهوره فيه فيجب الحكم بالنفاذ بالعتق على ما قدمناه ووعدناه من الزيادة ويجب لها خيار البلوغ .

( قوله ولا خيار لها ) ; لأن النفوذ بعد العتق وخيار العتق إنما شرع في نكاح نافذ [ ص: 405 ] قبل العتق لدفع زيادة الملك فلا تتحقق زيادة الملك لذلك . وأورد ينبغي أن يثبت لها الخيار ; لأن بالاستناد يظهر أن النفاذ قبل العتق .

والجواب أن الشيء يثبت ثم يستند ، وحال ثبوته كان بعد العتق فانتفى الخيار بعده




الخدمات العلمية