الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن تزوجها ولم يسم لها مهرا ثم تراضيا على تسمية فهي لها إن دخل بها أو مات عنها ، وإن طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة ) وعلى قول أبي يوسف الأول نصف هذا المفروض وهو قول الشافعي ; لأنه مفروض فيتنصف بالنص . ولنا أن هذا الفرض تعيين للواجب بالعقد وهو مهر المثل وذلك لا يتنصف [ ص: 329 ] فكذا ما نزل منزلته ، والمراد بما تلا الفرض في العقد إذ هو الفرض المتعارف . .

التالي السابق


. ( قوله وعلى قول أبي يوسف الأول ) إشارة إلى أن قوله الآخر كقولهما ( قوله فيتنصف بالنص ) يعني قوله تعالى { فنصف ما فرضتم } فإنه يتناول ما فرض في العقد أو بعده بتراضيهما أو بفرض القاضي فإن لها أن ترفعه إلى القاضي ليفرض لها إذا لم يكن فرض لها في العقد ( قوله إن هذا الفرض تعيين لمهر المثل ) وذلك ; لأن هذا العقد حين انعقد كان موجبا لمهر المثل ; لأن ذلك حكم العقد الذي لم يسم فيه مهر ، وثبوت الملزوم لا يتخلف عنه ثبوت اللازم ، فإذا كان الثابت به لزوم مهر المثل لا يتنصف إجماعا فلا يتنصف ما فرض بعد العقد . والفرض المنصف في النص : أعني قوله تعالى { فنصف ما فرضتم } يجب حينئذ حمله على المفروض في العقد بالضرورة ; لأنا لما بينا أن المفروض بعد عقد لا تسمية فيه هو نفس خصوص مهر مثل تلك المرأة ، وأن الإجماع على عدم انتصافه لزم بالضرورة أن المتنصف بالنص ما فرض في العقد ، على أن [ ص: 329 ] المتعارف هو الفرض في العقد حتى كان المتبادر من قولنا فرض لها الصداق أنه أوجبه في العقد فيقيد لذلك نص ما فرضتم به ضرورة أن المخبر عنه بفرضتم هو الفرض الواقع في العقد ، وهذا من المصنف تقييد بالعرف العملي بعدما منع منه في الفصل السابق حيث قال : أو هو عرف عملي ، ولا يصلح مقيدا للفظ ، وقدمنا أن الحق التقييد به . وفي الغاية والدراية : لا يتناول غيره : أي غير المفروض في العقد إذ المطلق لا عموم له وليس بشيء ، لأن المطلق هو المتعرض لمجرد الذات فيتناول المفروض على أي صفة كانت سواء كان في العقد أو بعده بتراضيهما أو بفرض القاضي عليه لو رافعته ليفرض لها . فالصواب ما ذكرنا من أن المفروض بعد العقد نفس مهر المثل ، وأن الفرض لتعيين كميته ليمكن دفعه ، وهو لا يتنصف إجماعا فتعين كون المراد به في النص المتعارف دون غيره مما يصدق عليه لغة لما بينا ، ولأن غيره غير متبادر لندرة وجوده .



[ فرع ]

لو عقد بدون التسمية ثم فرض لها دارا بعد العقد فلا شفعة فيها للشفيع ; لما قلنا إن المفروض بعده تقرير مهر المثل ومهر المثل بدل البضع فلا شفعة فيه ، ولهذا لو طلقها قبل الدخول بها كان عليها أن ترد الدار وترجع على الزوج بالمتعة ، بخلاف ما لو كان مسمى في العقد ثم باعها به الدار فإن فيها الشفعة ; لأنها ملكت الدار شراء بالمهر ، وإن طلقها قبل الدخول بها فالدار لها وترد نصف المسمى على الزوج ; لأنها صارت مستوفية للصداق بالشراء والشراء لا يبطل بالطلاق




الخدمات العلمية