الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن تزوجها على ثوب غير موصوف فلها مهر المثل ومعناه : ذكر الثوب ولم يزد عليه ) ووجهه أن هذه جهالة الجنس إذ الثياب أجناس ، ولو سمى جنسا بأن قال هروي يصح التسمية ويخير الزوج لما بينا ، وكذا إذا بالغ في وصف الثوب في ظاهر الرواية ; لأنها ليست من ذوات الأمثال ، وكذا إذا سمى مكيلا أو موزونا وسمى جنسه دون صفته ، وإن سمى جنسه وصفته لا يخير ; لأن الموصوف منهما يثبت في الذمة ثبوتا صحيحا

التالي السابق


( قوله وإن تزوجها على ثوب إلخ ) تقدم الكلام فيه ( قوله وكذا إذا بالغ في وصف الثوب ) بأن ذكر بعد نوعه طوله وعرضه ورقته وعلى منوال كذا لا يختلف الجواب من أنها تجبر على أخذ القيمة كما على أخذ الثوب ، وجعله ظاهر الرواية احترازا عما عن أبي حنيفة يجبر الزوج على عين الوسط وهو قول زفر ، وعما عن أبي يوسف أنه إن ذكر الأجل مع ذلك تعين الثوب ; لأن موصوفه إذا كان مؤجلا يثبت في الذمة ثبوتا صحيحا في السلم ، وإن لم يؤجل تخير الزوج . وعبارته في المبسوط ، فإن عين صفة الثوب فعلى قول زفر لا تجبر على القيمة إذا أتاها بها ، وعلى قول أبي يوسف إن ذكر الأجل إلى آخر ما ذكرناه ، ثم قال : وزفر يقول الثوب يثبت في الذمة موصوفا ثبوتا صحيحا [ ص: 358 ] لأنه بالمبالغة في ذكر صفته يلتحق بذوات الأمثال ولهذا يجوز السلم فيه ، واشتراط الأجل هناك من حكم السلم لا من حكم ثبوت الثياب دينا في الذمة فاستوى ذكر الأجل وعدمه . وأجاب بأن قال : لكنا نقول لو باع عبدا بثياب موصوفة في الذمة لا يجوز إلا مؤجلا وإن لم يكن العقد سلما ، فعرفنا أن الثياب لا تثبت دينا ثبوتا صحيحا لا مؤجلا ا هـ .

وظاهره ترجح قول أبي يوسف ، وقد يقال : بل حاصل الصورة سلم والعبد رأس ماله والثياب المؤجلة السلم فيه ، ولا يخفى ترجح قول زفر إذ لم يندفع قوله إن اشتراط الأجل ليس من حكم ثبوته في الذمة وهو ظاهر .

وأما المكيل والموزون فإن سمى جنسه كعلي أردب قمح أو شعير دون صفته فكغيره من ثبوته وإجبارها على قبول القيمة وإن وصفه كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحرية لا يخير الزوج ، بل يتعين المسمى ; لأن الموصوف منهما يثبت في الذمة صحيحا حالا كالقرض ومؤجلا كما في السلم . وعن أبي حنيفة : لا تجبر على القيمة فيما إذا لم يسم الصفة أيضا ; لأن صحة التسمية إنما توجب الوسط مخيرا بينه وبين القيمة كما في الفرس والعبد لا تعين الوسط




الخدمات العلمية