الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها بيت الزوج لكنها تخدم المولى ، ويقال للزوج متى ظفرت بها وطئتها ) لأن حق المولى في الاستخدام باق والتبوئة إبطال له ( فإن بوأها [ ص: 397 ] معه بيتا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا ) لأن النفقة تقابل الاحتباس ، ولو بوأها بيتا ثم بدا له أن يستخدمها له ذلك لأن الحق باق لبقاء الملك فلا يسقط بالتبوئة كما لا يسقط بالنكاح .

التالي السابق


( قوله ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها ) وكذا إذا زوج أم ولده ومدبرته وإن شرط الزوج التبوئة ; لأنه شرط لا يقتضيه العقد على الأمة غير أن النكاح يبطل بالشرط الفاسد . ومعنى التبوئة أن يدفعها للزوج ولا يستخدمها ، فلو كانت تذهب وتجيء وتخدم المولى لا يكون تبوئة . وعند الشافعي وأحمد يستخدمها نهارا ويسلمها للزوج ليلا . وعند مالك يسلمها للزوج ليلة بعد ثلاث . قلنا : ملك السيد ثابت في الرقبة ليلا ونهارا وفيما بعد الثلاث والتبوئة إبطال له فيكون إبطال الحق الأعلى بالأدنى وإقدام السيد على العقد لا يستلزم رضاه بالتبوئة بل بمجرد إطلاق وطئه إياها متى ظفر بها يتوفر مقتضاه ، وهذا القدر ثابت ، فإثبات القسم كذلك إثبات بلا دليل .

لا يقال : لما ملك منافع بضعها لزمها تسليمها ; لأنا نقول : التسليم بالتخلية والتبوئة أمر زائد عليها والنفقة على المولى ما لم يبوئها ، وإذا بوأها ثم بدا له أن يردها إلى خدمته كان له ذلك ، وكلما بوأها وجبت نفقتها على الزوج ، وكلما أعادها سقطت . فإن قلت : ما الفرق بين أن يشترط الزوج التبوئة فيزوجه السيد على هذا الشرط ولا يلزم المولى التبوئة وبين أن يشترط الحر المتزوج بأمة رجل حرية أولاده حيث يلزم في هذه الحالة وتثبت حرية ما يأتي من الأولاد ، وهذا أيضا شرط لا يقتضيه نكاح الأمة . فالجواب أن قبول المولى الشرط والتزويج على اعتباره هو معنى تعليق الحرية بالولادة [ ص: 397 ] وتعليق ذلك صحيح ، وعند وجود التعليق فيما يصح يمتنع الرجوع عن مقتضاه فتثبت الحرية عند الولادة جبرا من غير اختيار ، بخلاف اشتراط التبوئة فإن بتعليقها لا تقع هي عند ثبوت الشرط بل يتوقف وجودها على فعل حسي اختياري من فاعل مختار فإذا امتنع لم توجد .

فالحاصل أن المعلق هنا وعد يجب الإيفاء به ، غير أنه إن لم يف به لم يثبت متعلقه : أعني نفس الموعود به ، ولو طلقها بائنا وهي مبوأة تجب لها نفقة العدة ، ولو لم تكن مبوأة من الابتداء أو طلقها بعد رجوع السيد إلى استخدامها لا تجب ، والمكاتبة كالحرة لزوال يد المولى وهي في يد نفسها فلها النفقة إذا لم تحبس نفسها ظلما ، ولو جاءت الأمة بولد فنفقته على مولى الأمة ; لأنه ملكه لا على الأب




الخدمات العلمية