الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن كانت تزوجت بغير إذنه على ألف ومهر مثلها مائة فدخل بها زوجها ثم أعتقها مولاها فالمهر للمولى ) لأنه استوفى منافع مملوكة للمولى ( وإن لم يدخل بها حتى أعتقها فالمهر لها ) لأنه استوفى منافع مملوكة لها . والمراد بالمهر الألف المسمى لأن نفاذ العقد بالعتق استند إلى وقت وجود العقد فصحت التسمية ووجب المسمى ، [ ص: 406 ] ولهذا لم يجب مهر آخر [ ص: 407 ] بالوطء في نكاح موقوف لأن العقد قد اتحد باستناد النفاذ فلا يوجب إلا مهرا واحدا .

التالي السابق


. ( قوله فإن كانت تزوجت بغير إذنه على ألف ومهر مثلها مائة ) نص على زيادة المسمى على مهر المثل ، والجواب على التفصيل . إن دخل بها قبل العتق فالمهر للسيد ; لأنه استوفى منافع مملوكة له أو بعده فلها ; لأنه استوفى منافع لها . وكان يتبادر أن في الوطء قبل العتق مهر المثل للسيد لعدم صحة التسمية حينئذ فكان دخولا في نكاح موقوف وهو كالفاسد حيث لا يحل الوطء فيه فوجبت قيمة البضع المستوفى منافعه المملوكة للسيد فلا تجب الزيادة لها على هذا خلافا لما قيل والزيادة لها ; لأن الزيادة إنما تثبت باعتبار صحة التسمية .

وهذا التوجيه على اعتبار عدمها ، والثابت بهذا الاعتبار ليس إلا مهر المثل وهو كله للسيد ، ثم إذا أعتقت ووطئها يجب المسمى لها ; لأنه يصح بصحة العقد [ ص: 406 ] فيجب مهران المسمى ومهر المثل لكن انهدم ذلك كله بسبب استناد النفاذ ; لأن النافذ ليس إلا ذلك العقد ، وحين صح العقد لزم صحة التسمية ويلزمه بطلان لزوم مهر المثل ; لأنه لا يجب معه . لا يقال : فيجب أن يكون المهر في الوجهين لها ; لأنه بالاستناد صارت مالكة لمنافع بضعها من وقت العقد ; لأنا نقول : الاستناد يظهر أثره في القائم لا في الفائت ، ومنافع البضع فائتة . وحين فاتت فاتت على ملك المولى فكان بدلها له . وقد يورد فيقال : لو استند إلى أصل العقد يجب كون المهر للمولى كما لو تزوجت بإذن المولى ولم يدخل بها حتى أعتقها وهو بمعزل عن صورة المسألة فإنها النفاذ بالعتق وبه تملك منافعها ، بخلاف النفاذ بالإذن والرق قائم .

هذا إذا كانت الأمة كبيرة ، فإن كانت صغيرة فأعتقها يبطل النكاح عند زفر ، وعندنا يتوقف على إجازة المولى إن لم يكن لها عصبة سواه ، فإذا أجاز جاز ، فإذا بلغت بعد ذلك فلها خيار البلوغ إلا إذا كان المجيز أباها أو جدها ، وقدمنا في باب الأولياء أنه يستغنى بخيار الإدراك عن خيار العتق ; لأنه المنجز .

( قوله ولهذا ) أي الاتحاد بالاستناد ( لم يجب مهر آخر ) [ ص: 407 ] أي مهر المثل ( بالدخول في نكاح موقوف ) وقد ذكرناه .




الخدمات العلمية