الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه وعليه بدنة ) خلافا للشافعي فيما إذا جامع قبل الرمي ; لقوله صلى الله عليه وسلم { من وقف بعرفة فقد تم حجه } [ ص: 47 ] وإنما تجب البدنة لقول ابن عباس رضي الله عنهما أو ; لأنه أعلى أنواع الارتفاق فيتغلظ موجبه .

التالي السابق


( قوله : ومن جامع بعد الوقوف بعرفة ) يعني قبل الحلق ; لأنه سيذكر أن الجماع بعد الحلق فيه شاة . هذا والعبد إذا جامع مضى فيه وعليه هدي وحجة إذا أعتق سوى حجة الإسلام ، وكل ما يجب فيه المال يؤاخذ به بعد عتقه ، بخلاف ما فيه الصوم فإنه يؤاخذ به للحال ، ولا يجوز إطعام المولى عنه إلا في الإحصار ، فإن المولى يبعث عنه ; ليحل هو فإذا أعتق فعليه حجة وعمرة . ( قوله : لقوله عليه الصلاة والسلام { من وقف بعرفة فقد تم حجه } ) تقدم هذا الحديث . وتقدم أنه عليه الصلاة والسلام علق [ ص: 47 ] التمام بالوقوف بعرفة والمزدلفة على ما أسلفناه ، ثم لا شك أن ليس التمام باعتبار عدم بقاء شيء عليه فهو باعتبار أمن الفساد والفوات .

وإنما أوجبنا البدنة بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة " . رواه مالك في الموطإ عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عنه وأسنده ابن أبي شيبة عن عطاء أيضا قال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل قضى المناسك كلها غير أنه لم يزر البيت حتى وقع على امرأته ، قال : عليه بدنة . ولأنه لا قضاء هنا ; ليخف أثر الجناية بجبر القضاء بخلاف ما قبل الوقوف ، وهو أرجح مما عن ابن عمر مما أخرجه ابن أبي شيبة عنه : جاء رجل إليه فقال : يا أبا عبد الرحمن إني رجل جاهل بالسنة بعيد الشقة قليل ذات اليد ، قضيت المناسك كلها غير أني لم أزر البيت حتى وقعت على امرأتي ، فقال : عليك بدنة وحج من قابل فإنه متروك بعضه ، وقال عليه الصلاة والسلام { من وقف بعرفة فقد تم حجه } بخلاف قول ابن عباس هذا . ولو جامع مرة ثانية فعلى كل واحد شاة مع البدنة ; لأنه وقع في حرمة مهتوكة فصادف إحراما ناقصا فيجب الدم . ولو جامع القارن بعد الوقوف لزمه بدنة لحجته وشاة لعمرته .




الخدمات العلمية