الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( صم ) الصاد والميم أصل يدل على تضام الشيء وزوال الخرق والسم . من ذلك الصمم في الأذن . يقال صممت ، وأنت تصم صمما . وربما قالوا : صم بمعنى صم . ويقال : أصممت الرجل ، إذا وجدته أصم . قال ابن أحمر :

                                                          [ ص: 278 ]

                                                          أصم دعاء عاذلتي تحجى بآخرنا وتنسى أولينا

                                                          والصماء : الداهية ، كأنه من الصمم . أي هو أمر لا فرجة له فيه . ومن ذلك اشتمال الصماء : أن تلتحف بثوبك ثم تلقي الجانب الأيسر على الأيمن . والعرب تقول في تعظيم الأمر : " صمي صمام " . والأصل في ذلك قولهم : " صمت حصاة بدم " ، وذلك أن الدماء تكثر في الأرض عند الوغى ، حتى لو ألقيت حصاة لم يسمع لها وقع ، وهو في قول امرئ القيس :


                                                          بدلت من وائل وكندة عدوا     ن وفهما صمي ابنة الجبل

                                                          يريد تعظيم ما وقع فيه وأدي إليه . وصمام القارورة سمي بذلك لأنه يسد الفرجة . وقولهم : صمم في الأمر ، إذا مضى فيه راكبا رأسه ، فهو من القياس الذي ذكرناه ، كأنه لما أراد ذلك لم يسمع عذل عاذل ولا نهي ناه ، فكأنه أصم .

                                                          واشتق منه السيف الصمصام والصمصامة . ومنه صمم ، إذا عض في الشيء فأثبت أسنانه فيه . والصمان : أرض . وقال بعضهم : كل أرض إلى جنب رملة فهي صمانة . وهذا صحيح ; لأن الرمل فيه خلل ، والصمانة ليست كذلك .

                                                          ومن الباب : الصمصم : الرجل الغليظ ، وسمي بذلك لما ذكرناه ، كأنه ليست في لحمه فرجة ولا خرق . وكذلك الأسد صمة ، كأنه لا وصول إليه من وجه .

                                                          [ ص: 279 ] ومن الباب الصمصمة : الجماعة ، سميت بذلك ، كأنها اجتمعت حتى لا خلل فيها ولا خرق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية