الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (34) قوله تعالى : ذرية : في نصبها وجهان ، أحدهما : أنها منصوبة على البدل مما قبلها ، وفي المبدل منه على هذا ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها بدل من "آدم " ومن عطف عليه ، وهذا إنما يتأتى على قول من يطلق "الذرية " على الآباء وعلى الأبناء ، وإليه ذهب جماعة . قال الجرجاني : "الآية توجب أن يكون الآباء ذرية للأبناء والأبناء ذرية للآباء ، وجاز ذلك لأنه من " ذرأ الخلق "فالأب ذري منه الولد ، والولد ذري من الأب " وقال الراغب : "الذرية تقال للواحد والجمع والأصل والنسل ، كقوله : حملنا ذريتهم أي : آباءهم ، ويقال للنساء : الذراري ، فعلى هذين الوجهين يصح جعل " ذرية "بدلا من آدم ومن عطف عليه . وقال أبو البقاء : " ولا يجوز أن يكون بدلا من آدم لأنه ليس بذرية "وهذا الذي قاله ظاهر إن أراد آدم وحده دون من عطف عليه ، وإن أراد آدم ومن ذكر معه فيكون المانع عنده عدم جواز إطلاق الذرية على الآباء .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : من أوجه البدل : أنها بدل من " نوح "ومن عطف عليه ، وإليه نحا [ ص: 129 ] أبو البقاء . الثالث : أنها بدل من الآلين : أعني آل إبراهيم وآل عمران ، وإليه نحا الزمخشري ، يريد أن الآلين ذرية واحدة .

                                                                                                                                                                                                                                      الوجه الثاني من وجهي نصب " ذرية " : النصب على الحال ، تقديره : اصطفاهم حال كونهم بعضهم من بعض ، والعامل فيها : اصطفى . وقد تقدم القول في اشتقاق هذه اللفظة ووزنها ومدلولها مشبعا فأغنى عن إعادته .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : بعضها من بعض هذه الجملة في موضع النصب نعتا لذرية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية