الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (37) قوله تعالى : الذين يبخلون : فيه سبعة أوجه ، أحدها : أن يكون منصوبا بدلا من "من " وجمع حملا على المعنى . الثاني : أنه نصب على البدل من " مختالا " وجمع أيضا لما تقدم . الثالث : أنه نصب على الذم . الرابع : أنه مبتدأ وفي خبره قولان ، أحدهما : أنه محذوف ، فقدره بعضهم : "مبغضون لدلالة إن الله لا يحب ، وبعضهم : " معذبون "لقوله : وأعتدنا للكافرين عذابا ، وقدره الزمخشري : " أحقاء بكل ملامة " ، وقدره [ ص: 677 ] أبو البقاء : " أولئك قرناؤهم الشيطان " . والثاني : أنه قوله : إن الله لا يظلم مثقال ويكون قوله : والذين ينفقون عطفا على المبتدأ والعائد محذوف ، والتقدير : الذين يبخلون ، والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ، إن الله لا يظلمهم مثقال ذرة ، أو مثقال ذرة لهم ، وإليه ذهب الزجاج ، وهذا متكلف جدا لكثرة الفواصل ، ولقلق المعنى أيضا . الخامس : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : هم الذين . السادس : أنه بدل من الضمير المستكن في " فخورا " ، ذكره أبو البقاء ، وهو قلق . السابع : أنه صفة لـ " من " ، كأنه قيل : لا يحب المختال الفخور البخيل .

                                                                                                                                                                                                                                      و " بالبخل "فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " يأمرون "فالباء للتعدية على حد : أمرتك بكذا . والثاني : أنها باء الحالية ، والمأمور محذوف ، والتقدير : ويأمرون الناس بشكرهم مع التباسهم بالبخل ، فيكون في المعنى كقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      1581 - أجمعت أمرين ضاع الحزم بينهما تيه الملوك وأفعال المماليك



                                                                                                                                                                                                                                      والمختال : التياه الجهول ، والمختال اسم فاعل من اختال يختال أي : تكبر وأعجب بنفسه ، وألفه عن ياء لقولهم : الخيلاء والمخيلة ، وسمع أيضا : خال الرجل يخال خولا بالمعنى الأول ، فيكون لهذا المعنى مادتان : خيل وخول . والفخر : عد مناقب الإنسان ومحاسنه ، وفخور صيغة مبالغة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي البخل أربع لغات : فتح الخاء والباء وبها قرأ حمزة والكسائي ، [ ص: 678 ] ويضمهما ، وبها قرأ الحسن وعيسى بن عمر ، وبفتح الباء وسكون الخاء وبها قرأ قتادة وابن الزبير ، وبضم الباء وسكون الخاء وبها قرأ جمهور الناس . والبخل والبخل كالحزن والحزن والعرب والعرب . و من فضله يجوز أن يتعلق بـ " آتاهم "أو بمحذوف على أنه حال من " ما "أو من العائد عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية