الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (49) وقوله تعالى : ألم تر : تقدم مثله ، و "بل " إضراب عن [ ص: 702 ] تزكيتهم أنفسهم . وقدر : أبو البقاء قبل هذا الإضراب جملة قال : "تقديره : أخطؤوا بل الله يزكي من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا يظلمون يجوز أن يكون حالا مما تقدم ، وأن يكون مستأنفا ، والضمير في " يظلمون "يجوز أن يعود على من يشاء " أي : لا ينقص من تزكيتهم شيئا ، وإنما جمع الضمير حملا على معنى "من " ، وأن يعود على الذين يزكون ، وأن يعود على القبيلين : من زكى نفسه ومن زكاه الله ، فذاك لا ينقص من عقابه شيئا ، وهذا لا ينقص من ثوابه شيئا . والأول أظهر ؛ لأن "من " أقرب مذكور ، ولأن "بل " إضراب منقطع ما بعدها عما قبلها . وقال أبو البقاء : "ويجوز أن يكون مستأنفا أي : من زكى نفسه ، ومن زكاه الله " انتهى ، فجعل عود الضمير على الفريقين بناء على وجه الاستئناف ، وهذا غير لازم ، بل يجوز عوده عليهما والجملة حالية .

                                                                                                                                                                                                                                      و فتيلا مفعول ثان ، لأن الأول قام مقام الفاعل ، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف ، كما تقدم تقريره في مثقال ذرة . والفتيل : خيط رقيق في شق النواة ، يضرب به المثل في القلة ، وقيل : هو ما خرج من بين إصبعيك أو كفيك من الوسخ حين تفتلهما ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، وقد ضربت العرب المثل في القلة التافهة بأربعة أشياء اجتمعن في النواة ، وهي : الفتيل والنقير - وهو النقرة التي في ظهر النواة - والقطمير - وهو القشر الرقيق فوقها - وهذه الثلاثة واردة في الكتاب العزيز ، والثفروق - وهو ما بين النواة والقمع الذي يكون في رأس التمرة كالعلاقة بينهما - .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية