الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (28) قوله تعالى : يريد الله أن يخفف : في هذه الجملة احتمالان أحدهما : - وهو الأصح - أنها مستأنفة لا محل لها من الإعراب . والثاني : أنها حال من قوله : والله يريد أن يتوب العامل فيها "يريد " أي : والله يريد أن يتوب عليكم يريد أن يخفف عنكم . وفي هذا الإعراب نظر من وجهين ، أحدهما : أنه يؤدي إلى الفصل بين الحال وبين عاملها بجملة معطوفة على جملة العامل في الحال ضمن تلك الجملة المعطوف عليها ، والجملة المعطوفة وهي "ويريد الذين يتبعون " جملة أجنبية من الحال وعاملها . والثاني : أن الفعل الذي وقع حالا رفع الاسم الظاهر فوقع الربط بالظاهر ، لأن "يريد " رفع اسم الله وكان من حقه أن يرفع ضميره ، والربط بالظاهر إنما وقع في الجملة الواقعة خبرا أو صلة ، أما الواقعة حالا وصفة فلا ، إلا أن يرد به سماع ، ويصير هذا الإعراب نظير : "بكر يخرج يضرب بكر خالدا " . ولم يذكر مفعول التخفيف فهو محذوف فقيل : تقديره : يخفف عنكم تكليف النظر وإزالة الحيرة . وقيل : إثم ما ترتكبون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : "ضعيفا " في نصبه أربعة أوجه ، الأظهر : أنه حال من "الإنسان " وهي حال مؤكدة . الثاني : أنه تمييز قالوا : لأنه يصلح لدخول "من " وهذا غلط . الثالث : أنه على حذف حرف الجر ، والأصل : خلق من شيء ضعيف أي : من ماء مهين أو من نطفة ، فلما حذف الموصوف وحرف الجر وصل الفعل إليه بنفسه فنصبه . والرابع : - وإليه أشار ابن عطية - أنه منصوب على [ ص: 663 ] أنه مفعول ثان بـ "خلق " ، قالوا : ويصح أن يكون "خلق " بمعنى "جعل " فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى مفعولين ، فيكون قوله "ضعيفا " مفعولا ثانيا ، وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نصوا على أن "خلق " يكون كـ "جعل " فيتعدى لاثنين مع حصرهم للأفعال المتعدية لاثنين ، بل رأيناهم يقولون : إن "جعل " إذا كانت بمعنى "خلق " تعدت لواحد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية